يا شباب الثورة المؤمنين بالحرية والعدالة وكرامة الإنسان
بيان من جماعة الإخوان المسلمين في سورية
أيها المواطنون السوريون..
يا شباب الثورة المؤمنين بالحرية والعدالة وكرامة الإنسان..
أيها الناس أجمعون..
إن جماعتنا، جماعة الإخوان المسلمين، وفي ضوء المستجدات الدولية والإقليمية والمحلية، فيما يجري على الأرض السورية، وما يعترض التطلّعات المشروعة لشعبنا الأبي؛ تتقدم إلى المواطنين السوريين جميعا، وإلى شباب الثورة والمنضوين في مسيرتها منهم بشكل خاص، وإلى جميع القوى الدولية والإقليمية من حكومات وقيادات وجماهير.. بهذا البيان، تأكيدا لثوابتها والتزاماتها، وإعلانا عن المستجدّ من مواقفها، وعهدا على الوفاء لدماء الشهداء، ولتضحيات أبناء شعبنا، وحملة لواء ثورته المظفرة.
أيها المواطنون السوريون.. أيها الناس أجمعون..
لقد تجاوز الموقف الدولي والإقليمي كل القوانين والمبادئ والقيم التي قامت عليها الحضارة الإنسانية، وتأسست عليها المنظمة الدولية للأمم المتحدة. وتكشّف عنوان (أصدقاء الشعب السوري) عن خدعة كبرى، وثبت للقاصي والداني، أن هناك إصرارا دوليا متواطأ عليه، لحرمان أبناء سورية من حقوقهم الإنسانية الأساسية، يتم كل ذلك تحت عناوين وذرائع وادعاءات؛ أهمها الحرب على الإرهاب، وحماية ما يسمى بالأقليات، والحفاظ على وحدة سورية أو حماية مؤسسات دولتها.
لقد تجلى الانحياز الدولي واضحا في تغاضي الدول الكبرى عن تدفّق عشرات الألوف من قتلة الولي الفقيه إلى سورية للمشاركة في قتل السوريين، وفي تغاضيه عن تجول قاسم سليماني الإرهابي المطلوب للعدالة الدولية على الأرض السورية، وفي تمريره الجرائم المتراكبة في استخدام الأسلحة المحرمة الدولية ضد مدنيين عزل لا حول لهم ولا طول، من كيميائي وفسفوري وحارق وخارق. وبدا هذا الانحياز في منع الدول الكبرى من تسليح السوريين بأنظمة الدفاع الجوية التي تعينهم على حماية حياتهم، وفي رفض المجتمع الدولي لإقامة منطقة عازلة آمنة، تثبت المهجّرين السوريين على أرضهم، وبلغ الانحياز بالمجتمع الدولي أنه أقرّ حصار ملايين السوريين في مدنهم وبلداتهم، ومارس أبشع أنواع الانحياز في توزيع الخبز والملح على جائعيهم، حيث غدا هذا من فضائح ما يسمى منظماتهم الإنسانية الأممية.
أيها المواطنون السوريون.. أيها الناس أجمعون..
إن جماعتنا في ضوء استيعابها لكل المعطيات، وإدراكها لكل ما يدبّر ويحاك للشعب السوري ولمستقبل أجياله، وبعد أن تخلى المجتمع الدولي عن الوفاء بأبسط الالتزامات الإنسانية والدولية تؤكد وتعلن ما يلي:
أولا - إن إرادة الشعوب، من إرادة الله، وإن إرادة شعبنا لن تقهر ولن تكسر بعون الله.
ثانيا – تؤكد جماعتنا التزامها بكل ما صدر عنها من مواثيق وعهود وطنية، ورؤى مستقبلية، فيما سبق وأعلنته في ميثاق الشرف الوطني 2001، والمشروع السياسي لسورية المستقبل 2004. والعهد والميثاق 2012. وبكل ما نصت عليه هذه الوثائق، من التمسك بالدولة المدنية الديمقراطية التعددية، المبنية على قواعد المواطنة المتساوية وعلى دستور مدني يعبر عن إرادة الأكثرية السياسية.
ثالثا - تؤكد جماعتنا، إدانتها ورفضها للعنف وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، مهما تكن غايتها ومشروعيتها. وتبين أن الثورة السورية استمدت مشروعيتها من توحّش عصابات الأسد السابق والممنهج والمنفلت من كل عقال أولا، ومن تخلي المجتمع الدولي عن مسئولياته في حماية المدنيين والسلم والأمن الدوليين ثانيا.
وفي هذا السياق تحذر جماعتنا من أن تواطؤ القوى الدولية مع مشروع (تمليش) القوى الطائفية في منطقتنا، سيقود إلى (تمليش) المجتمعات في المنطقة، مما سيكون له أبعاد غير محمودة ليس على منطقتنا فقط، بل على العالم أجمع..
رابعا – وتثبيتا من جماعتنا لدورها الدعوي، التعليمي والتنويري، تؤكد على دورها الإسلامي الرائد في نشر الوسطية والاعتدال، ومحاربة الغلوّ والتطرف، وما ينشأ عنهما من انحراف في الفكر والسلوك، المولد لكل أشكال الإرهاب.
وفي هذا السياق، تدين جماعتنا الإرهاب بكل أشكاله، وتطالب بتحديد علمي موضوعيّ له، تعريف يسبق إلى إدانة إرهاب السلطة المنفلت من القانون، كما يرفض التصنيف الانتقائيّ للإرهاب، على أساس ديني أو ثقافي أو عنصري.
خامسا – تؤكد جماعتنا تمسكها بأهداف الثورة، وانحيازها الكامل إلى إرادة الشعب السوري، والوفاء لدماء الشهداء وتضحياتهم، كل ذلك في إطار وثيقة المبادئ الخمسة، التي أقرتها القوى الإسلامية والوطنية والثورية، برعاية المجلس الإسلامي السوري.
سادسا – ستسعى حماعتنا، إيمانا منها بدورها الإيجابي الفاعل، لأبناء التيار الإسلاميّ المعتدل في سورية، إلى التعاون مع أهل العلم والفضل، ومع كلّ الخيّرين من أبناء شعبنا، إلى بلورة تجمّع إسلامي وطني إيجابيّ معتدل ومؤثر وفاعل، متعاون على البر والتقوى.
سابعا – تؤكد جماعتنا إيمانها بالحوار بين جميع مكونات المجتمع السوري، وتمسّكها بالحل السياسي المنبثق عن هذا الحوار، وسعيها الصادق والجادّ إليه.
ثامنا – ومن إيمان جماعتنا بالحل السياسي العادل، تعلن رفضها الكامل للحل العسكري، الذي تعمل كل قوى الشرّ على فرضه على شعبنا عن طريق الحصار والقصف والغزو الطائفي. وعلى هذا:
• تدين جماعتنا الحصار الخانق المفروض على الملايين من أبناء شعبنا منذ سنوات، والذي يغضي عنه أدعياء الإنسانية وحقوق الإنسان في العالم.
• كما تستنكر جماعتنا عمليات القصف الوحشي اليومي على المدنيين الأبرياء الذي تنفذه قوى دولية، وبكل أنواع الأسلحة حتى المحرّم منها دوليا.
• تدين جماعتنا وتستنكر الصمت الدولي المريب، حول تدفّق عشرات الألوف من المقاتلين تحت عنوان ما سمي أخيرا (جيش التحرير الشيعي). وتعتبر جماعتنا أن دور هذه العصابات الشيعية التي يرعاها نظام الوليّ الفقيه وحزب الله، ويغضي عنها المجتمع الدولي، هو محاولة تغيير الخارطة الديمغرافية لسورية بالقتل والتهجير، واستكمال حلقات فرض الحل العسكري الذي يعمل عليه المتواطئون.
• ترفض جماعتنا وتدين، تحالف بعض الدول الكبرى، مع بعض الفصائل ذات الخلفية العرقية أو المذهبية، في انخراط مباشر لعملية تقسيم الأرض السورية، الذي تعلن جماعتنا رفضه بكل حزم.
• كما تدين عمليات التذرع بالإرهاب ، للاستمرار في قصف وتقتيل شعبنا، كما حصل في اتفاق كيري – لافروف الأخير.
وتعلن جماعتنا أن ما يسعى إليه الحصار والقصف والغزو والتحالفات المريبة، هو القتل الوحشيّ والتهجير القسريّ لكسر إرادة شعبنا، وفرض حلّ عسكريّ على ممثليه، تحت عنوان مزيّف للحل السياسي، تزعم الأمم المتحدة أنها ترعاه.
وأمام ما تكشف من هذا التواطؤ الدوليّ على فرض هذا الحل العسكريّ، بصيغته (الروسية – الإيرانية) يفرض على شعبنا ووطننا؛ تعلن جماعتنا:
1 - أنها لن تكون معبرا لجريمة تصفية الثورة، ولا جسرا تمرّر عليه الإرادات الشريرة، للروس والإيرانيين والمتواطئين معهم.
2 - وتعلن جماعتنا مع احترامها لكل مؤسسات العمل الوطني والمشاركين فيها، أنها ستسعى دائما لتكون مواقف هذه المؤسسات منسجمة مع أهداف الثورة، خادمة لمصلحة الوطن، بعيدة عن الانسياق مع رغبات الآخرين، وأنها ستدرس قرار انسحابها من هذه المؤسسات، لتلتفت إلى ما تعتبره الأهمّ في تحصين العمل الثوريّ والإنسانيّ، في هذه المرحلة الحرجة من عمر ثورتنا المظفرة. عندما تستشعر الخطر، وانعدام الدور الحقيقي لهذه المؤسّسات
3 – تؤكد جماعتنا استقلاليّة قرارها الوطني، وتعلن أن وفاءها لدماء الشهداء وتضحيات السوريين، وانحيازها للمصلحة العليا لثورة السوريين.. أمران لا يمكن التردّد فيهما ولا المساومة عليهما.
تاسعا – إن جماعتنا ومن واقع الحصار المفروض عليها بكل أشكاله، من قِبَل قوى دولية وإقليمية متعددة، ستظلّ تضع كل إمكاناتها في خدمة سورية الوطن والثورة والإنسان. وستبذل كل ما تستطيع لدعم تطلعات السوريين، وتصعيد نضالهم في كل الساحات، كما ستظل حريصة على المشاركة في بناء مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة، للمساهمة بكل جهد إيجابيّ على كل المستويات.
عاشرا - تؤكد جماعتنا أنّ سعيها إلى المزيد من الانفتاح على جميع القوى المجتمعية والسياسة الوطنية.. بروح إيجابية لن يتوقف. كما تؤكد إيمانها بالحوار السياسي وسيلة أساسية لتحقيق الأهداف الوطنية العامة على كل صعيد.
أحد عشر – تؤكد جماعتنا أن كل جهودها المؤسساتية ستظل متوفرة، على الأهداف الوطنية العامة، بعيدا عن أيّ مشروع برامجي خاص، وتعتقد أن كل المشروعات البرامجية الخاصة، ستظل مؤجلة حتى يتحقق لشعبنا ما يصبو إليه.
أيها المواطنون السوريون.. أيها الثوار المجاهدون..
لا يأس ولا قنوط، بل تفاؤل وأمل، وعمل وعطاء، وبذل وتضحية، وتعاون على البرّ والتقوى، حتى يقضيَ الله أمرا كان مفعولا. (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
في التاسع من ذي الحجة 1337 الموافق 11/9/2016
جماعة الإخوان المسلمين في سورية..
وسوم: العدد 685