اختراق الموساد للدول العربية
وزارات الداخلية العربية موصوفة بالقوة والفعالية والبطش بمن يقع في قبضتها من مواطنيها بأي تهمة لها صلة بما تسميه أمن البلاد ، والعلاقة بين هذه الوزارات على مستوى العالم العربي لا تماثلها في قوتها وجديتها علاقة الوزارات العربية الأخرى ببعضها بعضا مثلما نرى الحال في وزارتي التجارة والاقتصاد اللتين تكونان في بعض الدول وزارة واحدة ؛ إذ قد لا نجد بين دولتين عربيتين أي تبادل تجاري أو ترابط اقتصادي . ومعروفة أسباب القوة الذاتية لوزارات الداخلية العربية ، وأسباب قوة علاقاتها مع بعضها بعضا حتى في أعصب أوقات الخلاف بين الدول العربية . وفي مقدمة أسباب القوة أنها المسئولة عن أمن السلطات العربية الحاكمة نظاما وأشخاصا . والخارج عن سياق هذه القوة والفعالية أن هذه الوزارات لا تكون بهاتين الصفتين إلا على المواطن العربي داخليا وبينيا ، أما إذا اتصل الأمر بإسرائيل فإنها تفقد قوتها وفعاليتها ، ويدهمها الشلل والعمى ، وقتل المهندس التونسي الزواري الذي تؤكد كل القرائن ضلوع الموساد فيه ؛ أحدث مثال على فقدان قوة وفعالية هذه الوزارات إزاء استباحة إسرائيل لحرمة وأمن الإنسان العربي . ومنذ أيام قبضت السلطات التونسية على صحفي كندي يهودي يبدو أنه في مهمة لا تختلف عن المهمات التي يتستر عملاء الموساد بالنشاط الصحفي وغيره لتنفيذها . سهولة اختراق الموساد للدول العربية جعلت قادته يباهون بأن الدول العربية ملاعب مأمونة لنشاط عملائه الذين يجمعون المعلومات التفصيلية الدقيقة عن كل شيء في هذه الدول ، ويغتالون من يكلفون باغتياله حتى اتخذت نجاحاتهم في الدول العربية طابع الأسطورة متجاوزة قدراتهم الحقيقية التي تعرفها المخابرات العالمية الكبرى مثل الأميركية والروسية والألمانية ، وتشير المخابرات الأميركية إلى وجوه فشل وضعف ليست قليلة للموساد ، وللشاباك (المخابرات الداخلية) مثل هذه الوجوه من الفشل والضعف ، واستطاعت المقاومة الفلسطينية في غزة أيام الاحتلال قتل عدة ضباط من عناصر الشاباك ، نذكر منهم الضابط شُكَرُن الذي كان يعمل في دائرة المنطقة الوسطى من قطاع غزة ، والضابط رون طال الذي قتله أحد رجال المقاومة داخل سيارة مدنية ( للتمويه ) في موقف سيارات جباليا في مدينة غزة ، وعزوا في إسرائيل القصور في مراقبة الموساد لاستعدادات مصر لحرب أكتوبر / تشرين الأول 1973 إلى انشغاله في تتبع نشاطات المقاومة الفلسطينية . وأكبر أسباب اختراق الموساد للدول العربية :
أولا : تركز الداخليات وأجهزة المخابرات العربية قواها على مراقبة مواطنيها ، وتغفل مراقبة نشاط المخابرات الإسرائيلية .
ثانيا : كثير من الدول العربية لا ترى في إسرائيل عدوا ، ولا ترى داعيا للقلق من نشاط مخابراتها في أراضيها .
ثالثا : وجود تواطؤ بين هذه المخابرات ومراكز قوى متنفذة في الدول العربية .
رابعا : سهولة نفاذ عناصر المخابرات الإسرائيلية داخل الدول العربية من خلال جنسياتهم الأجنبية .
خامسا : التعاون السري الذي تظهر أخباره بين حين وآخر بين مخابرات إسرائيل ومخابرات بعض الدول العربية ، فهذ التعاون يسهل لإسرائيل الاطلاع على ما تريده من معلومات وحقائق وأخبار في تلك الدول عن بعض السياسيين والإعلاميين بوصف ذلك تعاونا مشروعا متفقا عليه بين الطرفين .
سادسا : اطمئنان عملاء الموساد في الدول العربية وغيرها إلى أن إسرائيل لن تتخلى عنهم إذا ما كشفوا ، وهذا الاطمئنان يزيد كفاءتهم وفعاليتهم في عملهم المحفوف بالخطر .
قوة مخابرات أي دولة وضعفها من قوة أو ضعف الدولة ذاتها ، ونوعية توجهات تلك المخابرات وأهدافها انعكاس لتوجهات وأهداف تلك الدولة ، وفي ضوء هذا يمكننا ان نفسر أداء وزارات الداخلية العربية والمخابرات العربية والمخابرات الإسرائيلية ، وفرع الشجرة يحمل صفاتها .
وسوم: العدد 702