الأم المُربّية

د. عبد الرحمن محمد العيسوي

إن العادات الخُلُقية تتكوّن لدى الأطفال منذ سن مبكرة جداً، أي من سن الثانية وحتى السادسة. وبعد هذه السن تصبح تربية الأطفال مهمة صعبة عسيرة. لذلك فإن للمرأة (الأم) دوراً فعالاً في عملية تنشئة الأطفال وتربيتهم وفق أنماط محددة من السلوك، وتغذيتهم بقيم معينة من الأخلاق. (فالأم) – في الأصل – وبحكم معايشتها للأطفال فترة أطول من فترة (الأب) بسبب سعيه وكدحه لتوفير الرزق الحلال، تستطيع أن تترك بصماتها وسماتها عليهم. فهي بعطفها وحنانها ووجودها بينهم، إنما تهيّئ لهم من أسباب الاستقرار النفسي والنمو العقلي السليم، ما يفقده أطفال آخرون في مثل سنهم، ممن تغيب عنهم أمهاتهم فتراتٍ من اليوم قد تطول وقد تقصر، مما ينعكس على نفسياتهم اضطراباً وتمزّقاً..

ومخطئ من ظن أن تربية الأطفال، فقط تعني توفير ما طاب من غذاء وكساء.. إن المعاني النفسية التي يحصل عليها الطفل، حين يشمله والداه، لا سيما أمه، بعطفها وحنانها ودفئها، لهي أبعد وأعمق أثراً في نفسه مما سواها، من حاجيات مادية كالملبس والغذاء.. بل إنما يحصل عليه منهما، من هذه المعاني المعنوية، يفقده في غيرهما، كما أن أي شخص آخر مهما اجتهد وأخلص لَعاجزٌ على أن يوفّر لطفل واحد، من العطف والحنان والدفء ما يوفره الوالدان!.

* مجلة الأمة – العدد السابع عشر – آذار 1982 م

وسوم: العدد 722