البيت الزجاجي .. والأحجار الصلبة!

يوميا؛ لا تتوقف آلة الإعلام الانقلابي عن إهانة تركيا والشعب التركي والرئيس التركي، مع أن تركيا تدعم الاقتصاد المصري وتستورد بضائع مصرية بعشرات الملايين. لا نعرف سببا حقيقيا لهذه الإهانة إلا وقوف الحكومة التركية بجانب الشعب المصري المظلوم ورفض الانقلاب العسكري الدموي الفاشي الذي قتل، وأسر، وطارد، وكمم، واستأصل، وأغلق، ثم فشل في كل شيء!

أبواق الانقلاب وأذرعه الإعلامية تسعى لإلصاق كل النقائص والعيوب بنظام الحكم في تركيا، وكأن نظام الانقلاب العسكري الدموي الفاشي في مصر مثالي يخلو من أي نقص وأي عيب. الصحف والقنوات الانقلابية لا تكف على مدار الساعة عن ذكر مساوئ النظام التركي كما تتخيلها.

من ذلك مثلا الأخبار التي تظهر الأتراك وكأنهم يعيشون تحت حكم ديكتاتوري دموي متخلف فاشل (قبل أيام افتتح أردوغان الفاشل أكبر مستشفى تركي مجاني في مرسين، به كل وسائل الراحة للمرضي بدءا من الحمامات حتى السلالم الكهربائية!). خذ عندك بعض العناوين التي نشرت في أواخر يوليو2017 منها العنوان التالي: البرلمان التركي يقر تعديلات «حصار الديمقراطية»، وتحت العنوان تفصيل يقول:" أقر البرلمان التركي مؤخرا مشروع قانون مثير للجدل يتضمن حزمة تعديلات على اللائحة الداخلية للمجلس اعتبرها حزبا «الشعب الجمهوري» العلماني و«الشعوب الديمقراطية» الكردي المعارضان خطوة لتكميم أصوات المعارضة وحصارا جديدا للديمقراطية، لأنها تشمل تقليص المدى الزمنى لإلقاء الكلمات، وفرض غرامات مالية على الأعضاء »المشاغبين»، فضلا عن إبعاد النائب من الجلسات العمومية لمدة شهر فى حالة إهانته رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. وتحت عنوان:" انطلاق أكبر محاكمة لمعارضي أردوغان.. وأوروبا تدرس معاقبة تركيا اقتصاديا" جاء تفصيل يقول:

انطلقت في تركيا أمس أكبر محاكمة للمتهمين في محاولة الانقلاب الفاشل ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 15 يوليو 2016، وفى مقدمتهم الداعية فتح الله جولن المتهم الرئيسي بتدبير الانقلاب وعدد من قيادات الجيش، وتجرى محاكمة 486 مشتبها بهم في أكبر قاعة محكمة خارج أنقرة، وتتراوح التهم الموجهة إليهم بين ارتكاب الجرائم وانتهاك الدستور إلى محاولة قتل الرئيس التركي. ومن بين المتهمين هناك 461 قيد الاعتقال وسبعة ما زالوا فارين، بينما يحاكم البقية وهم طلقاء.( يطلقون على الانقلابيين الجويين معارضين!)

وتحت عنوان:" أردوغان يجرى حركة تغييرات فى الجيش.. واعتقال 1000 شخص خلال أسبوع"، جاءت تفاصيل تقول:

أعلنت وزارة الداخلية التركية اعتقال 1098 شخصا على مدار الأسبوع  للاشتباه فى صلتهم بمجموعات مسلحة أو محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى 15 يوليو 2016. وذكرت الوزارة أن «831 شخصا من الذين تم القبض عليهم يشتبه فى صلتهم بالداعية فتح الله جولن المقيم فى الولايات المتحدة، والذى تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فى شهر يوليو من العام الماضي».

وأشارت إلى أن «213 شخصا من الذين تم القبض عليهم يشتبه فى أنهم على صلة بحزب العمال الكردستاني المحظور الذى تعده الولايات المتحدة وتركيا وأوروبا منظمة إرهابية».

وعلى صعيد متصل، يترأس رئيس الحكومة بن على يلدريم اجتماع مجلس الشورى العسكري بمقر مجلس الوزراء لمناقشة ترقيات جديدة بصفوف الجيش، فضلا عن مناقشة إحالة قادة القوات البرية والجوية والبحرية أو التمديد لهم.

الأخبار كما نرى تدور حول نقطة مركزية واحدة تقريبا وهي تجريم النظام التركي لأنه يعاقب المجرمين الخونة الذين قاموا بالانقلاب الفاشل منتصف يوليه 2016 وكأنه من الواجب عليه أن يكافئ الخونة، ويمنحهم جوائز على جرائمهم التي تمثلت في القتل والقصف والتدمير والاستهانة بإرادة الشعب التركي.

ولأن الانقلابيين التعساء الذين خيبهم الله يسعون إلى القضاء على كل نبتة أمل في تحرير الأمة الإسلامية، وبعد أن فشلوا في سحق قطر وإيقاف الجزيرة، يتنادون الآن إلى محاصرة تركيا وتكرار ما جرى في قطر، وها هو أحد الأبواق اسمه "أشرف العشري" يكتب في الأهرام مناديا وزارة الخارجية المصرية بوصفها رأس الحربة  بنقل المعركة مع تركيا أو التحضير لمثيلتها مع تركيا أردوغان حيث يرى أن أنقرة ومواقفها وعدائيات أردوغان ضد مصر والحقد الأسود والغل والكيدية من قبله تجاه وطننا وشعبنا ورئيسنا قد تجاوزت المدى والشطط، بل لابد من مواجهته والتصدي له، وليكن الأمر عبر خطة تحرك مصرية سياسية ودبلوماسية مكثفة تسعى لتوفير حاضنة عربية، وفى مقدمتها دول الخليج الشركاء الأساسيين في التحالف ضد قطر لتوسع دائرة الحركة تدريجيا وصاعداً من اليوم وغدا باتجاه تركيا لجعلها تصطف في خانة الاتهام بالإرهاب واحتضانه وتمويله ورسم الخطط والدفع بالإرهابيين الجوالين في مصر والمنطقة مثلها مثل قطر...

بالطبع المدعو أشرف العشري تجاهل أن "الحكومة المصرية أعلنت عن ارتفاع صادرات مصر إلى تركيا بنسبة 44% في النصف الأول من 2017 "..  أين هو العداء والحقد الأسود والغل والكيد ضد مصر من جانب أردوغان؟ ولكن العشري وأمثاله يرددون ما يقوله العدو النازي اليهودي في فلسطين تماما. في دراسة صدرت عن «معهد أبحاث الأمن  القومي» التابع لجامعة تل أبيب للمدعو لبيد، يتهم  إردوغان بتحييد «حراس الديمقراطية« وأولهم الجيش التركي، ثم المحاكم والصحافة، في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، منتصف العام الماضي. ويتابع «مع مرور الوقت، تصبح تركيا أكثر عدوانية، أكثر عثمانية، وبالأساس أكثر إسلامية.   ويحذر من الاستخفاف بالجانب الشخصي. إردوغان مسلم متعصب وليس فقط أنه يستخدم أسلوب خطاب عدواني معاد للسامية، وإنما هو مؤمن به». ماذا لو سمع  أردوغان يقول بعد الصلاة في جامع يلديز حميدية : "عازمون على بناء أجيال تعرف دينها وثقافتها وتاريخها، وتكون أملاً للأمة الإسلامية ولجميع المظلومين؟".

مشكلة الانقلابيين وأعداء الحرية وهم يقذفون الناس بالأحجار الصلبة أنهم يتجاهلون أن بيتهم الزجاجي يضم عشرات الألوف من أشرف الناس وأنبلهم في القاعات المظلمة، وأنهم يحاكمون الأحرار يوميا بالآلاف، ويحكمون بمئات الإعدامات والمؤبدات بصورة شبه منتظمة، يطاردون كل صوت حر، ويكفي أنهم أغلقوا حتى الآن 133 موقعا إلكترونيا وصادروا الصحف التي لا تطبل لهم، وأخرسوا الناس جميعا!

من كان بيته من زجاج فلا...

الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!

وسوم: العدد 736