يدّعي الإسلام ، ويدّعي أنه ليس سنياً ، ولاشيعياً !
واضح ، أيّها الأخ الكريم ، أن لديك قدراً غير قليل من الإخلاص ، يتجلى في الحرص على وحدة الأمّة ، كما هو ظاهر في كلماتك ..!
بيد أن الإخلاص ، وحده ، لا يكفي في حسم الأمور العقدية .. ولابدّ من العلم الصحيح ، الذي يُعرف به الخطأ من الصواب ، في القول والعمل !
إن السنّة ، أيها الأخ الكريم ، ليست فرقة ، ولا مذهباً ، ولا طائفة .. إنها الإسلام ؛ الإسلام الصحيح ، حصراً ! والذي ينتمي إليها ، هو المسلم ، حصراً ! وغيره ..لا ! إلاّ من كان له رأي – من بعض أصحاب المذاهب ، في بعض المسائل الاجتهادية - لايخرجه عن ملّة الإسلام ! وواضح أنك لست من هؤلاء ؛ لأنك لاتعرف أيّ شيء ، عن المذاهب والفرَق في الإسلام !
أنصحك بقراءة بعض الكتب ، التي توضح لك هذا الأمر بجلاء .. مثل كتاب : المِلل والنِحَـل ، للشهرستاني ... وكتاب : الفِصَـل في الملل والنِحَـل ، لابن حزم .. وغيرها من الكتب ، التي تدلك بوضوح ، على حقائق الأمور!
وإني لأشفق على ماأراه لديك من إخلاص ، ومن حماسة نبيلة ، لدين الله وأمّة الإسلام ؛ أن تدفعك الحماسة لوحدة الأمّة ، إلى مَهاوٍ مُهلكة ، تسوّي فيها ، بين الهدى والضلال ، وبين الحقّ الصراح ، والباطل الواضح !
ثمّة اختلافات ، بين فقهاء أهل السنة ، حول بعض المسائل الفرعية ، التي يُعدّ اجتهادهم فيها، بحثاً عن الصواب والأصوَب .. قربة إلى الله !
أمّا التسوية ، بين من يؤمن بكتاب الله الحقّ ، الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. وبين من يؤمن بأن هذا الكتاب محرّف وناقص .. والتسوية بين من ينزّه آل بيت النبوّة الأطهار، من كل دنس ، وبين من يَنسب إلى بعضهم السوء..والتسوية بين من يبجّـل صحابة رسول الله ، الذين حملوا إلينا القرآن وسنة نبينا ، وبين من يتـّهم هؤلاء الصحابة ، بمن فيهم العشرة المبشرون بالجنة، كلهم، بالردة عن الإسلام، إلاّ نفرا قليلا منهم، يُعدّ على أصابع اليد الواحدة.. والتسوية بين من يؤمن بعلم الله المطلق ، الذي لايعزب عنه شيء ، في السموات والأرض ، وبين من يؤمن بعقيدة البَداء ؛ أيْ: أن الله قد بَدا له أمر، لم يكن قد بَدا له من قبل..والتسوية بين من يؤمن ، بأن الله لا يُظهِر على غيبه أحداً ، إلاّ مَن ارتضى مِن رسول ، وبين من يؤمن بأن الإمام يعلم ماكان وما يكون ، إلى يوم القيامة ، وأن له ولاية تكوينية ، على كل ذرّة من ذرات الكون..أقول: أمّا التسوية بين هؤلاء وهؤلاء ، بحجّة الحرص على وحدة الأمّة ، فإنها تُخرج صاحبها ، من الملـّة ، ياعزيزي ..وتدفعه دفعاً ، إلى النار التي يهرب منها، بادّعائه الحرص على وحدة الأمّة ، حتى لو كان ادّعاؤه صحيحاً ، وخالصاً للـّه عزّ وجلّ ! فيكون من الذين : ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .. والعياذ بالله !
فتبصّر، أخي الكريم ، أين تضع قدمك ، كيلا تزلّ بعد ثبوتها ..
والشاعر يقول :
ومَن لايقدّم رجلـَه مطمئـنـّة فيثبتـَها في مستوى الأرض .. يَزلـق
وقانا الله ، وإيّاك ، شرّ الزلل والزلق.. وألهمنا، وإيّاك ، الحقّ والصواب ، في القول والعمل.. إنه هو الوليّ الحميد
وسوم: العدد 750