أمريكا تحارب على أرض الآخرين، وبدماء الآخرين
[من كتاب: الحرب الأمريكية بمنظار سيّد قطب. تأليف: د. صلاح عبد الفتاح الخالدي]
إن المعركة في صميمها ستدور في أرض غير أرض الكتلتين... ستدور في تركيا وإيران، والعراق وسورية، ومصر والشمال الأفريقي، وفي باكستان وأفغانستان، وفي منابع البترول الإيرانية والعربية في عبّادان والظهران.
إنها ستدمّر مواردنا نحن، وتُحطم حياتنا نحن، وتدع أرضنا بقعاً خراباً يباباً... وسواءٌ علينا انتصرت هذه، أم انتصرت تلك، فسنخرج نحن من المعركة فُتاتاً وحُطاماً! لا كما خرجت أوروبا من الحروب الماضية، ولكن كما لم تخرج أمّةٌ من حربٍ قط!.
وإذا كانت "هيروشيما" قد ذهبت مثلاً، بقنبلة ذرية صغيرة، فسنكون نحن تلك الفئران الصغيرة، لتجاربِ القنابل الذرية، والقنابل الهيدروجينية، وغاز الموت الزاحف، وأشعة الموت السحرية، وحرب الميكروبات الطائشة، وسائر ما يتمخّض عنه الذهنُ الكافر، في دنيا الضمير الغربي الملوّث.
وماذا على السادة أن تصبحَ الجماهيرُ وقوداً للحرب الجديدة؟.
إنّ الحروب تُضاعف أموالهم، وتؤدي عنهم الديون التي تُثقل أراضيهم وشركاتهم، إن كانوا أسرفوا على أنفسهم بخسائر القمار، أو بالمتاع الفاجر الداعر الذي يذهب بالأموال، وإنهم ليطمئنّون في ظل الأحكام العرفية التي تُصاحب الحرب، إلى حماية أشخاصهم من الفضائح، وإلى تكميم الأفواه وتحطيم الأقلام، وإلى البطش بالأحرار الذين يوقظون الجماهير لحقوق الجماهير، وإنهم لفي مأمن من ويلات الحرب بأرواحهم، كما هم في مأمن منها بأموالهم... فضريبة الدم لا يؤدّيها في بلاد الشرق إلا الفقراء!. ولقد رأينا في معارك فلسطين كيف كان الضباط من "أولاد الذوات" يُجنَّبون ويلات الحرب في الميدان، ثم يُمنحون أوسمة الشجاعة، وهم في القاهرة، غارقون في المواخير و"الكباريهات"!. فماذا على السادة أن يربطوا بلادهم بعجلة الرأسمالية – حليفتهم الطبيعية- وهم في مأمن من كل خسارة؟ وماذا على الرأسمالية الغربية أن تزدري صيحات الشعوب للحرية، وفي يدها زمام السادة الذين يعرفون أولياء نعمتهم الحقيقيين وحُماتهم الأصليين؟!.
وسوم: العدد 826