دروس الأحرار.. من سَحَرة فرعون
[ من كتاب: "العبيد والعبودية الاختيارية"، للدكتور: نور الدين الحيالي ]
كيف انقلبوا من عبيد لفرعون إلى أحرار يتحدَّون فرعون وهو في قوّته وجبروته، تأكيداً لمقولة:
(الأحرار يؤمنون بمن معه الحق.. والعبيد يؤمنون بمن معه القوة.. فلا تعجب من دفاع الأحرار عن الضحية دائماً، ودفاع العبيد عن الجلّاد دائماً).
كيف حدث هذا الانقلاب في حياتهم عندما آمنوا بما جاء به موسى عليه السلام، وصل بهم فرعون إلى حد تهديدهم بهذا الكلام:
(فَلَأُقطّعنَّ أيديَكم وأرجلَكم مِن خِلافٍ ولأصَلّبَنّكم في جُذوعِ النخلِ ولَتَعلَمُنّ أيّنا أشدُّ عذاباً وأبقى).
إن هؤلاء السحرة استحقوا صفة الأحرار لأنهم آمنوا بمن معه الحق وهو "موسى عليه السلام"، وليس بمن معه القوة وهو "فرعون". فأصبحت قصّتهم عبرةً ودرساً للبشرية، وذكرهم الله في كتابه العزيز المتعبّد بتلاوته.
هذا التهديد الرهيب من فرعون:
(فَلَأُقطّعنَّ أيديَكم وأرجلَكم مِن خِلافٍ ولأصَلّبَنّكم في جُذوعِ النخلِ) لم يستطع تحدّيه سوى الأحرار، فإن فرعون الذي يَعُدُّ نفسَه إلهاً يقول ويفعل وينفذ تهديداته، فهو جبّار عنيد يحمل كل صفات الشر، فأجابوه بتحدٍّ وبكل ثقة بعد أن عرفوا الحق:
(لن نُؤثِرَك على ما جاءنا من البيّنات والذي فَطَرَنا فاقضِ ما أنت قاضٍ إنّما تقضي هذه الحياةَ الدنيا).
البيّنات: الحُجَج والأدلّة على حقيقة ما دعاهم إليه موسى.
أي لن نختارك ولن نُواليك ولن نُطيعك ولن نتّبعك على ما جاءنا من الهدى والإيمان واليقين، والذي خَلَقَنا، فافعل ما شئت، وما وصلتْ إليه يدك، فنحن آمنا بما جاء به موسى، ولن نتركه لأنه الحق من ربنا.
هذه هي صفات المؤمنين الأحرار الثائرين على الفراعنة، وهذه هي الرجولة الحقة التي واجهت فرعون. فإن هزيمة الطاغية بيد الإنسان نفسه، بمجرد أن يتخلّى عنه يسقط ويتهاوى، لأنه يستمد قوته وجبروته وطيشه من الإنسان نفسه، فإذا تخلّى الناس عن الطاغية في كل مجتمع سقط وتهاوى.
وسوم: العدد 996