دفاعٌ عن الشعب
08تشرين12005
محمد المجذوب
دفاعٌ عن الشعب
محمد المجذوب
تعقيب على ميمية الشاعر عمر أبي ريشة
شـاعـرَ الـشهباءِ.. عذرَ ذلـك الـصـوتُ الذي أرسلتَه صـيـحـةٌ قـد توقظُ الأمةَ لو راعـك الـحاضرُ من أوجاعها وازدهـاك الأمـسُ فـاستقبلتَه حُـلُـمٌ مات على جفنِ الرُّؤى عـبـثـاً تـنـفخُ في النار فما وسُـدى تـصرخُ في القومِ إذا .. حـبـذا عـتـبُـك لولا أنه رُبَّ لـومٍ جـاوزَ الـظـلم إذا شـعـبُـك المنكودُ لم يأثمْ بما ورث الـروح الـتي عزَّت بها وانـتضى العزمَ الذي دانتْ له غـيـرَ أن الله لـم يَـرْدُدْ لـه قـلـبَ الـدهرُ به الأقدارَ فالـ كـم "مـثنّى" تحت أطمارِ فتى عـصبَ البطنَ من الجوعِ وقد يـقـحم الموتَ إلى المجدِ على آثـر الـنـارَ عـلى العارِ فلم .. فـيـلـقٌ لـو كان فيه خالدٌ سـلْ بـه (شرتوكَ) أو أجنادَه لـم يـكـونوا غير شِلوٍ للظُّبى هَـدَمَ الـسـاسـةُ ما شادَ القنا لا تـقـلْ "لـم يشتفِ الثأرُ" فما إنـه الـغـدرُ، ومـا أقـتـلَه أسـلـم "الـلـدَّ" إلـى جَلاّدِها ولـقـد يـركب أشلاءَ الحمى .. بـل هو الوهن الذي قد بثّه زَيّـنَ الـعـجـزَ لهم حتى لقد أطـمـع الـذئبَ بآساد الشرى فـإذا "الـنَّـقـبْ" جـحيمٌ وإذا حـشـدَ الـخـصمُ لحرَّاسِهما فـشـبـول النيلِ تلقى وحدَها جَـمَـدَ الإخـوةُ عـن نجدتها فـاسـتمعْ حمحمةَ الخيلِ، وقد يـتـلـظـون عـلى صهواتِها لـو أُزيـح الـغلُّ عن أعناقهم .. ذلـك الـشعب الذي جَرَّعتَه لـم يـزل مطمحَ أنظارِ العلى إن يـكـن قـد هُـزمتْ قادَته * * * شـاعرَ الشهباء.. لا يُلوِ الأسى هـذه الأصـنـامُ مهما صَمَدتْ إنَّ فـي الأعـماقِ بركانَ لظى لـكـأنـي نـاظـر أضلاعَه فـإذا الأرضُ، كـما نعشقُ، قد وإذا (جُـنبول) محطوم الرؤى * * * شاعرَ الشهباءِ!.. أرضيتَ العلى لا نَـلُمهم إن رَضوا أو غضبوا نـحـن مـذ كنا قرابينُ الهدى قـد تـلاقـيـنا على دينِ الإبا غـير أن الدهرَ عاطاك الطِّلى إن تـفتك اليومَ نُعمى عَرَضتْ ربـمـا حـاربـك الـقومُ ولم واعـتـبـرْ بي فحياتي لم تزل ضـيـقـوا العيش بعينيَّ ولو فـكـأنـي لـم أكن من جندِهم وكـأنـي لم أُذبْ شرخَ الصِّبا فـاعـذرِ الـشـعرَ إذا كفكفتُه وإذا مـا لـذتُ بـالـستر فما * * * شاعرَ الشهباء.. قد يطغى الدجى بـيـدَ أن الـفجر آتٍ فارتقبْ | القلمِفـلـقـد هِـجـتَ دفينَ نَـكَـأ الـجـرحَ ولـم يـلتئم يـلـمـسُ الشعرُ ضميرَ النُّوَّم فـمـزجـتَ الدمعَ حزناً بالدم ثَـمِـلاً مـن نخوةِ المعتصم.. فـامَّـحـى إلا خـيـالَ الحُلُمِ تـحـتـهـا غـيرُ رَمادِ الهِمَم أوقـر الـسـامـعَ داءُ الصمم سـاق لـلـشعب ضروبَ التُّهمِ أخـطـأ الإنـصافَ رأيُ اللوَّم نـالـه مـن نُوَبِ الدهرِ العمي يَـعـربٌ فـي أمسها المنصرم فـي عـصورِ الفتحِ هامُ الأمم قادةَ الماضي ذوي الأنف الحمي أُسـدُ يـرعـاهـا قطيعُ الغنم! لـيـس فـي كفيه غيرُ الشَّمَم لـفَّ بـالـخرقةِ نصلَ المِخذَم تـربـةِ "المهد" وحول "الحرم" يـثـنِـهِ حـكمُ القضاء المبرم وطِـئَ الـعـربُ جباهَ الأنجم هـل رَأوا ثـمةَ غيرَ الضيغم! لـو تـولّـى السيفُ أمرَ الحَكم فـخـلا الـساحُ لجندِ الكلِم(1) أعـجـزَ الـثـعلبُ ليثَ الأجَم حـيـن يـلـقاك به ذو الرَّحِم! وحـبـا "الـرملةَ" كفَّ المجرم فـي غـد نـحو خَسيسِ المغنم فـي شـيوخ الحكم روحُ الهرم ألـبـسـوا الجبنَ رداءَ الحِكَم وأبـاح الـغِـيـل لـلـمقتحم مـوطـن "السّبعِ" بأيدي الرَّخم كـل مـا فـي صـدره من نِقَم مـنه دون النقب سيلَ العرم(2) بـيـنـمـا الأكـبدُ تَغلي بالدمِ كـبـح الـفرسانَ عضُّ اللُّجم غـضـبـاً لـلـشرفِ المنثلم أخـرسَ الـحقُّ لصوصَ الأمم غُـصـصً الـعَتبِ ولما ترحم ومـنـاطَ الأمـلِ الـمـبـتسم فـهـو الـجيشُ الذي لم يُهزم * * * بـك فـالآمـالُ لـم تـنـهدم سـوف يَـطـويها ظلامُ العدم مـائِـراً باللهب الـمـضطرم تـقـذف الـكـونَ غداً بالحُمَم طَـهُـرتْ مـن منتِناتِ الرّمَم وإذا (سـامُ) صـريـعُ الـندم * * * فـلـيَـثـرْ مـن شاءَ ولْينتقمِ إنـهـا شـنـشـنةٌ من أخزم نـهـبُ الـجَرحى كريمَ البلسم وتـآخـيـنـا بـظـلّ الـقلم وسـقـى روحـي نقيعَ العلقم فـأنـا الـمرءُ الذي لم ينعم(3) يـبـلـغوا ضرَّكَ فاغفر واحلم مـوضـعَ الـعـبرةِ للمستلهِم قَـدَروا لـم أروَ بـل لم أطعم أمـسِ فـي قلبِ الرعيلِ المقدِم قـطـراتٍ فـي سـبيل العلَم إن دونَ الـحـق جـزَّ الـلِمم ذاك إلا أن مـاءً فـي فمي(4) * * * ويـتيهُ الركبُ في القَفر الظمي طـلـعـةَ الـنورِ وراءَ الظُّلم | الألمِ
الهوامش
(1) إشارة إلى قبول الهدنة التي فرضها النقراشي فأضاعت النصر، وما أشبه الليلة بالبارحة!
(2) ذلك هو حصار الجيش المصري في الفلوجة يومئذ.
(3) إشارة إلى إقالة الشاعر من وفد الأونيسكو إثر إلقائه قصيدته في حفلة نادي الضباط بحلب.
(4) إشارة إلى استتار الناظم إذ نشرت هذه القصيدة بتوقيع "ابن الشعب".