وصف البركة
البحتري
البحتري: هو أبو عُبادة، الوليد بن عُبيد، عربي طائي، نشأ في منبج ثم قصد بغداد، ومدح من اتصل بهم من الخلفاء والقواد والأمراء، ونال جوائزهم، ثم اختص بالخليفة المتوكل، ولازمه حتى قتل، وتكدّرت عيشة البحتري بعده حتى مات سنة 284هـ.
يمتاز شعره بالعذوبة والفصاحة والجزالة، ومعانيه من وحي الخيال والشعور، لا من العلم والمنطق، وهو يجيد سبك الألفاظ أكثر من المعنى، كما أنه وصّاف ماهر لألوان الحضارة المادية، ومصوّر بارع للعواطف الإنسانية.
والأبيات التالية من قصيدة له، يصف فيها بركة المتوكّل:
1 - يا من رأى البركة الحسناء رؤيتُها 2 - مـا بـالُ دجلةَ كالغَيرى، تُنافِسُها 3 - تـنـصبّ فيها وفودُ الماءِ مُعجلةً 4 - كـأنـمـا الفضّة البيضاء سائلةً 5 - إذا عـلَتها الصّبا أبدتْ لها حُبُكاً 6 - فـحاجبُ الشمسِ أحياناً يُضاحكها 7 - إذا الـنـجومُ تراءت في جوانبها 8 - لا يَـبلُغ السَّمَكُ المحصورُ غايتها 9 - يَـعُـمْـنَ فـيها بأوساطٍ مجنَّحةٍ 10 - محفوفةٌ برياضٍ، لا تزال ترى |
|
والآنـسـاتِ إذا لاحـت مـغـانـيها فـي الـحٍُسْن طَوراً، وأطواراً تُباهيها كـالـخـيل، خارجةً من حبل مُجريها مـن الـسـبائك، تجري في مجاريها مـثـلَ الـجواشِنِ، مصقولاً حواشيها ورِّيـقُ الـغـيـث أحـيـاناً يباكيها لـيـلاً حـسـبـتَ سماءً رُكّبتْ فيها لـبُـعـد مـا بـيـن قاصيها ودانيها كـالـطـيـر تنقضُّ في جوٍّ خوافيها ريـشَ الـطـواويس تحكيه ويَحكيها |
الهوامش:
(1)المغاني: ج المغنى، وهو المنزل.
(5) الصبا: ريح شرقية – الحُبك: يريد تجعد سطح الماء – الجواشن جمع جوشن وهو الدرع.
(6) ريّق الغيث: أوله وأفضله.
(7) تراءت: ظهرت منعكسة.
(9) أي كالطير حينما تكسر أجنحتها للانقضاض. والخوافي: ريشات إذا ضمّ الطائر جناحيه خفيت.