المال والسعادة
المسلم به أن المال فائق الأهمية للناس ليحيوا حياة كريمة رضية ، فعلى نقيض الحيوانات والنباتات لا غنى عن المال في المجتمع الإنساني . هو مثلا ضروري للحصول على الطعام والمسكن والملبس . ويرى كثير من الناس المال أساسا لكل شر إلا أنني أرى خلاف ما يرون ، وأؤمن بأنه مفتاح سعادة الناس ، وصار لا غنى عنه في حياتنا منذ أن شرع الناس يستخدمونه في الحصول على الطعام وسائر الخدمات بدل نظام المقايضة الذي ساد معاملاتهم لمئين من السنين . فالناس يعملون لكسب عائد مالي يمكنهم من جلب الطعام إلى موائدهم ، وكسوة أبدانهم ، والانغماس في المباهج التي لا سبيل إليها إلا بالمال . ومتى استطعنا دفع ثمن السلع والخدمات التي نحتاجها فمن الحتمي أن ننال كثيرا من السعادة ورضا النفس واستقرار الحال . وفي كثير من البلدان ، مثل بلدان أفريقيا ، وكمبوديا ولاوس وفيتنام ، وسواها من البلدان ؛ يعيش الناس في بؤسى بئيسى لفقرهم المُترِب . إنهم محرومون من السعادة ، ومن الكرامة ، ومن الشعور بالغاية في الحياة ؛ لأنهم يعيشون من اليد إلى الفم ، ومستقبلهم في أحسن أحواله محفوف بالشك ، وبذا نرى أن من الحمق الزعم بأن المال جلاب غم وهم ، وأنه أصل تردي الأخلاق والسلوك الضار الشرير . النقيض هو الحق والصواب . فأكثرنا يكسب دخله بالوسائل المشروعة ، وهذا الدخل يمكننا من مستوى عيش طيب ، ومن السفر في الإجازات ، ومن الحصول على الغذاء الحسن ، والتسهيلات الطبية ، ومن أن نحيا حياة تهبنا كثيرا من السعادة والإشباع . ويقر كثير من الآباء أنهم يكدون في عملهم ليوفروا لبنيهم الراحة والاستقرار في الحياة . وكم يصبح المال مفيدا حين يصيب المرض أحد أفراد الأسرة ، ونصبح في أشد الحاجة إليه .وكثير من الأسر تجاهد لتبلغ غاياتها في حياتها ، ومن ثم فالحتمي أن الحاجة إلى المال تبذر في الغالب بذور التعاسة ، وتجعل الناس دائما معرضين للمشاحنات والمشاجرات المتواصلة في ما بينهم ، وفي النهاية تصيبهم التعاسة . وطبعا هناك من يلجؤون إلى وسائل ليست مشروعة لكسب الثراء العاجل محفزين بجشعهم للمادة ، فيسرقون ويقتلون ويغشون ليمضوا قدما في حياتهم ، لكن هذا لا يهبهم السعادة أو هناءة البال ، فالسراق والقتلة دائما معرضون لتطبيق العقوبات القانونية ضدهم ؛ لأن السلطات تضيق الخناق عليهم ، فيصيبهم الاضطراب والاهتياج العصبي ، ويحيون حياة حافلة بالريب والمخاوف . وهكذا سينظر الناس دائما إلى المال بصفته أهم أو من أهم مفاتيح السعادة بعد أن صار جزءا من هويتنا كبشر ؛ لأنه يمكننا من أن نحيا حياة كريمة سعيدة رضية .
*موقع " مقالات لطلاب الثانوية " الإنجليزي .
وسوم: العدد 802