كيد الذئب
عاشت في غابر الزمان في إحدى القرى صبية ما رأت النواظر لحسنها شبيها ، وكانت أمها مولعة بها أيما ولع ، أما جدتها فكانت الأيام تضاعف شغفها بها . وصنعت لها أمها قلنسوة سفر حمراء صغيرة ناسبتها كل المناسبة حتى صار الجميع يسمونها هي ذاتها " قلنسوة السفر الحمراء الصغيرة " . ويوما قالت لها أمها بعد أن صنعت وجبة قستر محلاة : اذهبي يا بنتي وتأكدي من حال جدتك لسماعي أنها عليلة جدا ، وخذي لها هذا القستر ، وهذا الوعاء الصغير من الزبد !
فمضت القلنسوة الحمراء الصغيرة من لحظتها إلى جدتها التي كانت تقيم في قرية أخرى . والتقت في طريها خلال الغابة بالذئب جعفر الذي عقد العزم على التهامها دون أن يجرؤ على فعل ما اعتزم عليه لوجود بعض الحطابين على مقربة دانية منه . وسألها عن قصدها ، فقالت دون أن تعي خطورة وقوفها معه وسماع كلامه : ذاهبة إلى جدتي ، وأحمل لها قسترا ، ووعاء زبدة صغيرا .
فسأل : سكنها بعيد ؟
فأجابت : نعم . وراء المطحنة التي تراها في البعد ، في أول بيت في القرية .
فقال : حلو . سأذهب أنا أيضا لزيارتها . سأذهب من هذا الطريق ، وستذهبين أنت من هذا الطريق ، وسنرى من يصل إليها قبل الآخر .
ومضى بأقصى سرعة سالكا إليها أقصر طريق ، ومضت الصبية في أطول طريق . وأخذت تشغل نفسها في مسيرها بلم ثمار الجوز ، والعدو خلف الفراش ، وصناعة الباقات الصغيرة بما تعثر عليه من الأزاهر . أما الذئب فسرعان ما وصل إلى بيت الجدة ، ودق بابه .
سألت : من على الباب ؟!
فرد مقلدا صوت الصبية : حفيدتك قلنسوة السفر الحمراء الصغيرة . أحضرت لك قسترا ، ووعاء زبدة صغيرا من الأم .
فهتفت الجدة التي كانت لمرضها راقدة في فراشها : اسحبي البكرة ، وسترتفع السقاطة !
فسحب البكرة ، فانفتح الباب ، فانقض على المرأة البرة والتهمها في اللحظة ، ولم يذق بعدها طعاما ، وأغلق الباب ، واندس في فراشها ينتظر قلنسوة السفر الحمراء الصغيرة التي قدمت ، ودقت الباب ، فاستفهم : من على الباب ؟!
فخافت في البداية لسماعها صوته الخشن ، ولكن لاعتقادها أن جدتها مبرودة وصوتها أجش أجابت : حفيدتك . قلنسوة السفر الحمراء الصغيرة التي أحضرت لك قسترا ووعاء زبدة صغيرا أرسلتهما لك أمي .
فهتف الذئب منعما صوته قدر ممكنه : اسحبي البكرة ، وسترتفع السقاطة !
فسحبت البكرة ، فانفتح الباب . وحين رآها تدلف أخفى نفسه تحت أغطية السرير ،
وقال : حطي القستر ووعاء الزبدة الصغير على المقعد ، وتعالي ارقدي معي !
فخلعت ثيابها ودخلت السرير ، واندهشت اندهاشة عظيمة حين رأت هيئة جدتها في ثياب نومها ، وقالت :ما أطول ذراعيك يا جدتي !
فقال الذئب : لتحسنا احتضاني لك يا حبيبتي !
_ وما أكبر رجليك يا جدتي !
_ لتساعداني على الجري بشكل أحسن !
_ وما أكبر أذنيك يا جدتي !
_ لتساعداني على سماع أحسن يا طفلتي !
_ وما أكبر عينيك يا جدتي !
_ لتساعداني على رؤية أحسن يا طفلتي !
_ وما أكبر أسنانك يا جدتي !
_ لألتهمك بها !
وما قال الذئب الشرير هاتيك الكلمات حتى انقض على قلنسوة السفر الحمراء الصغيرة ، والتهمها كلها .
*للفرنسي تشارلز بيرول ( 1628 _ 1703 ) .
*عن النسخة الإنجليزية لكتاب " أعظم قصص العالم " .
وسوم: العدد 827