ماذا فعلتم بالأتراك ؟
ماذا فعلتم بالأتراك ؟
محمد هيثم عياش
ذهب الاتراك قبل يوم الاحد من 22 تموز/يوليو الحالي الى صناديق الاقتراع وأدولا بأصواتهم لانتخاب أحزاب جديدة تحكم بلادهم وكانت النتيجة فوز حزب العدالة والتنمية الاسلامي النزعة وفرح المسلمون بذلك واصيب المنافقون بالأسى والحزن لأنهم كانوا وراء إفشال موافقة البرلمان التركي انتخاب وزير الخارجية عبد الله جول رئيسا لتركيا واحتدمت المناقشة بيني وبين زملاء أتراك في المهنة وهم متصوفة وعلمانيون ، أما المتصوفة فهم أتباع الشيخ فتح الله جولين الذين لا يزالون يؤيدون ابتعاد الدين عن السياسة وضرورة مراقبتها اما العلمانيون فقد أكدوا لي معارضتهم فوز حزب التنمية والعدالة وبقاء رئيس الوزراء رجب الطيب اردوجان في رئاسة وزراء تركيا ووصول عبد الله جول الى منصب الرئاسة معلنين لي بأن الاسلام في تركيا يختلف عن الاسلام في البلاد العربية اذ ان الاتراك لا يريدون اسلاما سياسيا يعيد تركيا الى العصور الوسطى عدا عن ذلك فيؤكد هؤلاء انه اذا ما عادت تركيا الى مجدها الاسلامي السابق فان العرب سيعادونها ويقضون عليها مثل ما فعلوه بالقضاء على الخلافة العثمانية لقد شارك العرب بالخطط الجهنمية التي قام الغرب بإخراجها وقام العرب بتمثيل أدوارها ، هل نسيتم ما فعل الشريف الحسين بن علي بالدولة العثمانية وقاد العرب بثورته ضد تركيا ، هل نسيتم ثورة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ضد العثمانيين وثورات زعماء عرب آخرون مثل الشيخ بشير الشهابي وفخر الدين المعني وغيرهم ضد العثمانيين ؟ أنتم الاسلاميون كنتم أول من قضى على الخلافة الاسلامية وتريدون من تركيا الآن إنهاء سياسة العلمانية والعودة الى النظام الاسلامي من جديد ان الشعب التركي سيقف ضد اي محاولة بالقضاء على العلمانية في بلاده وعودة اسلامية تركيا على جميع الاصعدة أنتم أول من خذلنا وكنتم السبب في ضياع مجد الاسلام على حد أقوالهم . قلنا لهؤلاء بأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم يقم بثورة ضد الاتراك بل كان يريد الاصلاح والعودة بالاسلام الى أصالته ومحاربة البدع التي كانت وراء الجهل الذي جعل السلمين يعيشون سنوات طوال في ظلام دامس كما انه لا يوجد أي مصدر تاريخي موثوق بأن الحركة الوهابية / السلفية / كانت تريد القضاء على الدولة العثمانية وحتى آل سعود كانوا يرون الولاء للدولة العثمانية واجب شرعي . وأما عن ثورة الشريف حسين بن علي وتعاونه مع الانجليز ضد الدولة العثمانية فقد عرف الناس مصير الشريف فقد مات مريضا وحيدا بعيدا عن وطنه ومملكة أبنائه ونحن ليس لنا علاقة بما فعله آباءنا الأقربون نحن نريد لتركيا الخير وللاتراك القوة والعزة تحت لواء الاسلام وما من حركة اسلامية حديثة الا كانت متأثرة بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وان دعوتكم بأن العلمانية يجب أن تبقى في تركيا فلا تمثل الاغلبية الساحقة من الشعب التركي المسلم والدليل على ذلك نجاح حزب العدالة والتنمية مؤخرا .
أما المتصوفة الذين يقودهم الشيخ فتح الله جولين فهم يراقبون السياسة ولا يتدخلون بها ضمن إطار المقولة التي كانت سائدة في اوروبا ما قبل الثورة الفرنسية إعط لقيصر ما لقيصر وما لله لله ، ويقول قائلهم ان الاسلام السياسي كان وراء مصائب هذه الامة دخل الاخوان المسلمون المعتراك السياسي وها هم نزلاء سجون الدول الاسلامية يُحارَبون في مصر وسوريا وغيرها من الدول الاسلامية ويظر الغرب اليهم بأنهم وراء ظهور تنظيم القاعدة وغيره من المنظمات الاسلامية جعل الاسلام السياسي الاسلام يُنظّر اليه كدين يدعو الى العنف نحن ليس لن في السياسة ناقة ولا جمل نؤيد من يحكمنا طالما وان الصلاة في بلادنا قائمة واذا ما مُنعنا لجأنا الى الخفاء هذه هي مقولتهم . وعبثا حاولنا إفهام هؤلاء المتصوفة بأن ذلك جهل فالاسلام دين ودولة والمتصوفة كانوا في مقدمة جيوش الدولة العثمانية التي فتحت أوروبا وحافظت على الاسلام من هجمة الحروب الصليبية على مدى اكثر من أربعمائة عام قتل السلطان مراد الاول في كوسوفو عام 1389 اثناء محاربته ملك الصرب وقتل السلطان بيازيد الاول أسيرا على ايدي التتار في عام 1403 وفتح السلطان محمد الفاتح القسطنطينية ومات ووجهه متجها نحو روما لأنه كان يريد فتحها ، ولما نادى صلاح الدين بتحرير القدس والاقصى كان العلماء والزهاد في مقدمة جيوشه وتصوفكم الذي تنتهجونه انما هو إماتتكم للاسلام ، فقد رأت السيدة الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أناسا يمشون الهوينى فقالت من هؤلاء فقالوا لها هؤلاء الزهاد يا أم المؤمنين فقالت رضي الله عنها انما هؤلاء يريدون تمويت ديننا فقد كان عمر رضي الله عنه اذا مشى أسرع واذا ضرب أوجع واذا حكى أسمع وكان الزاهد حقا .
لقد استطاع الاسلام السياسي في تركيا أن يعيد لتلك الدولة قوة سياسية واقتصادية مرهوبة الجانب ، صحيح أن العلمانية لا تزال قوية في تركيا الا أنها زائلة والمطلوب لإزالتها الصبر والجهاد والتوعية ، لقد أدى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلواته قبل الهجرة في المسجد الحرام وبه أكثر من ثلاثمائة صنم ، وقال له الانصار يوم بيعة العقبة الثانية وهي بيعة الحرب ، لو أمرتنا لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا فقال لهم لم نؤمر بعد ، كما اعتمر عمرة القضية بعد صلح الحدينية والاصنام لا تزال به ولما دخل مكة منتصرا قائلا وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وقعت الاصنام على وجوهها ، واصنام العلمانية في تركيا وغيرها من البلاد الاسلامية العربية ستقع على وجوهها لا محالة.