سهرة شباب
سلمان وسعيد ومازن ، الثلاثة يسهرون في بيت سلمان .
الثلاثة يعملون على تحضير طعام العشاء قبل أن تبدأ السهرة ، والطعام كان : فول ، حمص ، وبيض مقلي ،وفلافل مع بعض الخضار .
سعيد : صدق من قال ( اذا فاتك الضّاني ،فعليك بالحمّصاني .
مازن : بلا فزلكة ،ظبط هالصحون وأنت ساكت
سلما ن : ابقوا ساكتين وبلا ما يدخل الشيطان بينكن .
سعيد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
مازن : ما هذا الخبز يا سلمان إنه ناشف ... ناشف !! كيف سنأكله؟
سعيد: ناشف!؟هات من ايدك ناشف...ناشف ،له حلّ . جدّي عليه رحمة الله كان يقول : اذا بدّك خبز معلمك يقلّ ، بالشتا سخّن ، وبالصيف بلّ .
سلمان : الخبز اللي حكى عنه جدّك خبز بلدي اذا رشيت عليه الميّة يصبح لذيذ الطعم .
سعيد : الله يرحم الأولين كان عندهم لكل شيء مثل .
مازن : الامثال ضمير الشعوب المعبر عن حقيقتها ودرجة اصالتها ، وكلها نتيجة معاناة وتجارب ، الأمثال تاريخ محفوظ .
سلمان : يقولون مثلا ( فلان مثل والده لا راح ولا اجا - جاء – وفلانة مثل جدتها لا راحت ولا اجت – جاءت – الولد سرّ أبيه ، سرّ بالآباء متصل بالأبناء .
سعيد : هناك أمثال كثيرة صاغها الشعراء في قصائدهم ، مثل :
ان القلوب إذا تنافر ودها ... مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
مازن : ويقولون عن الشخص المؤذي مثل العقرب، كما قال الشاعر:
يأبى فؤادي أن يميل إلى الأذى
حب الاذية من طباع العقرب
ويتواصون بالجار، فيقولون :
الجار للجار ولو جار
واذا كان جار سوء يقولون : كومة أحجار ولا هالجار.
سلمان : اما عن دور المال ، فيقولون : الدراهم مراهم ضعها على الجروح تبرا – تشفى –
أما عن البغض بين الاقارب ، فيقولون :
الأقارب عقارب وقال الشاعر:
وظلم ذوي القربى اشدّ مضاضة على
الحر ،من وقع الحسام المهند
وعند التعبيرعن قيمة الوقت وسرعة استغلاله قبل فواته قالوا : الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك .
مازن : الشيء الجميل أن الأمثال تنبع من الواقع ومن البيئة ، الأعراب ضربوا المثل بالمرأة الأصيلة الوفية وشبهوا بها الخيل الاصيلة ،فقالوا : والخيل مأصلة مثل النسا وعمر الأصيلة ما رمت خيالها .
سلمان : حضرت سهرة في بيت عمي وكان الموجودون كلهم من الرجال الكبار تجاوز واحدهم الخمسين سنة ، وتحدثوا في السهرة بأمور عامة ، ثم جاءوا على ذكر النساء ، فقال أحدهم :
النساء أصناف عجيبة يا جماعة ، فيهن الصالحات ، وأكثرهن الطالحات !
ما زن : هه وشو عرّفو
سعيد : ما هي هذه الاصناف ؟
سلمان : لكن لا أريد ضحك ولا هزل ولا مقاطعه .
مازن : ولا يهمك احك ولا يهمك
سلمان : عدد الرجل ستة اصناف من النساء ، قال : الحدّاقة ، الشدّاقة ، والبرّاقة
سعيد : هوب .. هوب.. على مهلك ،ما فهمنا شيء، فهمت شيء يا مازن ؟
سلمان :اتفقنا بلا مقاطعة! وإلا ...
مازن : لا ...لا... كمّل
سلمان : وتابع الرجل : العنانة ، والطنّانة ، والمنّانة
مازن : هه .. وبعدين ؟
سلمان : لا بعدين ولا قبلين هذه ستة أصناف
سعيد : والله ما فهمت شيء ، الموضوع يلزمه شرح ! !
سلمان : حاضر ، نبدأ بالصنف الأول
الحدّاقة : هي المرأة التي تلاحق بعينيها كل شاردة وواردة لاتفوتها فائتة ، تحدّق بكل شيء
مازن : فهمت سيدي ؟
سعيد : فهمت ، الصنف الثاني
سلمان : الصنف الثاني الشّداقة وهي المرأة صاحبة الشدقين تتصدر المجالس وتتحدّث بكل شاردة وواردة لا تهدأ ولا تتعب ولا تترك لغيرها مجالا للحديث ،يقولون عنها تتشدق فهى شدّاقة .
مازن : والصنف الثالث
سلمان : البراقة وهي أعجب وأغرب ، البراقة من البريق وهي التي لا تغادر المرآة ، تجلس أمامها وتبدأ بدهان وجهها والألوان حتى تلمع مثل الزجاجة ،وهذا دأ بها سائر يومها فهي البراقة .
سعيد : لم يتمالك نفسه من الضحك ،كيف استطاع هذا الرجل جمع هذه الأصناف بهذه الطريقة الحدّاقة ، الشدّاقة والبراقة
مازن : يمكن صياغة أغنية منها
الحداقة ..ترم ترم الشداقة ترم ترم والبراقة ترم ..ترم
مازن : باقي ثلاثة أصناف ، العنانة، الطنانة ، العنانة. ماهو المقصود بالعنانة يا سلمان ؟
سلمان : العنانة هي التي لا تكف عن الشكوى والتوجع ، آه يا راسي ، يا أمي بطني ،دخيل الله ضرسي ، يا بيي رجلي ، اه .. اخ ..ياربي ...
سعيد : بيكفي مرضنا ، وما هي الطنانة ؟
سلمان : لا .. الطنانة غير شكل الطنانة لا توفر فرصة فيها دقّ ورقص وغناء إلا اغتنمتها ما وجدت شيء تدقّ عليه تاخذ طنجرة من المطبخ وتطبل عليها ،وهذا حالها في كل محفل وفي كل مجاس تكون فيه .
ما زن : والمنانة يافهيم .
سلمان : المنانة كثيرة المنّ اذا ابتسمت في وجه زوجها تمنّ عليه حتى يتمنى لو مانظر الى خلقتها، ا جابت فنجان قهوة ما عاد يخلص منها انا اليوم فعلت كذا .. أنا قمت بكذا ..أنا..أنا.. وهذا دابها مع جاراتها ومعارفها تمنّ عليهم بكل شيء .
سعيد : برايك يا سلمان أي هذه الأصناف الستة تطيل العمر ومن تقصر العمر ! ؟
سلمان : الكل .. الكل دون استثناء يقصرون العمر ويمحقون البركة يا لطيف !
مازن : اذن اسمع يا سلمان وأنت يا سعيد ماذا يقول أبي على الدوام ، يقول : الفرس السريعة والمرة المطيعة ( المرأة ) والدار الوسيعة ( الواسعة )فسحة من فسحات العمر.
سعيد : صح هذه الأصناف عن جدّ تطيل العمر
سلمان : لكن كيف يحصل الواحد على الفرس السريعة ؟
مازن : اليوم يا سلمان السيارة الفارهة حلّت محل الفرس السريعة .
سعيد : اليوم كانت السهرة مفيدة وحلوة حلوة مازن: عالم الأمثال عالم واسع ، وانشاء الله منتابع في سهرة تانية
سلمان : انشاء الله الطعام اعجبكم ؟
سعيد : ممتاز تسلم وشكرا لك
مازن : إلا أن الفول لازم ازكى ، هذه المرة ليس بنفس الجودة ، لكن لا بأس طعام طيبته العافية والحمد لله .
سلمان : حصلت من السوق على نوعية رخيصة ، قلت كله فول !
سعيد : صارمعك مثل ما جاء في المثل ( يا مسترخص اللحم عند المرق تندم )
مازن : هذا هو الكلام الصح
سلمان : صدقت ، نعم صدقت
مازن : أنا أعجبني أكثر شيء في هذه السهرة تصنيف النساء، ستة أصناف عجيبة يا رجل !
سعيد : هل تستطيع إعادة تعدادهم مرة ثانية ؟
مازن : نعم استطيع ، هات هذه الطنجرة يا سلمان من جانبك لو سمحت
سلمان : ماذا تفعل بالطنجرة ؟
ما زن : سوف ألحن هذه الأصناف وأغنيها، هات ...هات .. اسمع :
الحداقة تك ..تك... الشداقة تك...تك...البراقة تك..تك
العنانة تك..تكتك الطنانة تك ..تكتك المنانة تك..تكتك
الجميع : يضحكون بشدة
سلمان : والله اصبحت طنان يا مازن وملحّن أيضا .
سعيد : يكفي يا جماعة ، عن إذنك يا سلمان ، تصبح على خير ..
سلمان : الله معكم يا شباب ، سهرة معادة انشاء الله
يغلق سلمان الباب ، تطفئ الأنوار
وانتهى
وسوم: العدد 684