بنت الذوات
مسرحية
المشهد الا ول :
أحد الأغنياء يقف كل يوم مع ابنته الوحيدة في شرفة قصره المطلة على أحد الشوارع الرئيسية في المدينة ويتاملان حركة المارة
صاحب القصر : انظري يا ابنتي الى هذا الرجل الفقير المسكين ..
ابنته عفاف : ما به يا أبي ؟ هل الفقر سبة او عار ! ؟
الأب : لا ..لا. يا ابنتي .. لا. . إني أقصد ألا يستطيع أن يفكر بطريقة يغير فيها حاله ويبدل وضعه ؟
الابنة : الفقر والغنى من الله يا أبي المهم الرضا والشكر أم نسيت يا أبي !
الأب : لا لم أنس وأعرف أن الفقر والغنى من الله أقصد إنه لو حاول أن يجدّ ويعمل بهمة أكبر لا شك أن الله يعينه
الابنة : والله يا ابي إن كان فقيرا فسبب زوجته وإن كان غنيا فسبب زوجته فكما أنه ما من عظيم إلا وراءه امرأة كذلك ما من تعيس إلا وراءه امرأة ثم تضحك .
الأب : سبحان الله هكذا إذن فالزوجة دائما هي سبب فقر زوجها وسبب غناه وسبب سعادته وسبب شقائه وتعاسته !!
الابنة : نعم يا أبي في الأغلب ان لم يكن هناك سبب آخر يتعلق بالزوج وحده ..
الأب بعصبية : أقسم غير حانث لازوجنك من أفقر رجل في المدينة لأرى كيف تعيشين معه وتؤثرين فيه !! ؟
الابنة : أنا طوع أمرك يا أبي افعل ما تراه وأنا راضية
المشهد الثاني :
الأب يطلب من العم مبروك القيم على حديقة المنزل ان يبحث له عن أفقر رجل بالمدينة ويأتي به
يذهب العم مبروك ويعود بعد ساعات ومعه (قمامي الحمام ) الذي يشرف على تسخين مياه الحمام ويقول : لم أجد أفقر منه في المدينة كلها يا سيدي، ولكنه قوي .. جلد .. صبور وقنوع ثم يلتفت مبروك إلى الرجل ويقول له :
أدخل يا رجل أدخل لا تخش شيئا
الرجل : السلام عليكم يا سيدي
الأب : وعليكم السلام ، تفضل اجلس – يا ابني – ما اسمك ؟
الرجل : اسمي اسماعيل يا سيدي
الأب : اين تسكن يا اسماعيل ؟
اسماعيل : ليس عندي مسكنا ولا مأوى، أنام حيث اعمل ، في الحمام
الأب : لا بأس .. يا اسماعيل ..لا بأس وأخذ يحادثه ثم عرض له ما عزم عليه وبعد أن اطمأن اسماعيل نادى الأب على مبروك وقال له: اذهب وأحضر لنا المأذون بسرعة ولا تتأخر
يرجع مبروك بعد فترة وجيزة ومعه المأذون
مبروك : تفضل سيدي الشيخ ..تفضل
المأذون : السلام عليكم
الأب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، تفضل ..أهلا وسهلا – وبعد تقديم واجب الضيافة – تفضل سيدي باشر عملك
المأذون يقوم بعمله حسب الأصول ثم يتقدم من الأب مهنئا :
مبروك يا سيدي وأرجو ان ترى الخير الدائم بهذا الزواج والصهر ويقول لإسماعيل بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما بخير
المشهد الثالث :
تذهب عفاف مع زوجها وتعيش معه حيث يعيش، وبعد مدة
عفاف : يا اسماعيل لقد وفرت من مصروفنا مبلغا لا بأس به، ما رأيك لو استأجرنا غرفة خارج هذا المكان تكون مناسبة لسكننا ؟
اسماعيل : انا ليس عندي مانع ، افعلي ما ترينه مناسبا يا حبيبتي .
عفاف : علمت أن جارتنا العجوز أم أحمد عندها غرفة في بيتها لا تحتاجها وسوف استأجرها ، نعيش معها فهي وحيدة ،
اسماعيل : ام أحمد جارتنا العجوز التي تسكن هنا بقربنا ؟ فكرة جيدة اذهبي اليها من الغد .
وهكذا انتقلت عفاف مع زوجها الى بيت ام أحمد، ومرت الايام وفي كل يوم تشتري عفاف لازم من لوازم البيت مما توفره من كسب زوجها وتقول : ( الرجل جاني والمرأة باني ) .
وفي احد الايام وبعد أن استراح اسماعيل من تعبه تقدمت منه عفاف بكل محبة ووداد وقالت له :
عفاف : اسماعيل يا حبيبي سمعت اليوم أن تاجرا كبيرا يعتزم الذهاب بتجارة ضخمة . ويحتاج لعمال يذهبون معه بأجر مغري ، ما رأيك لو سجلت اسمك عنده وسافرت معه ، لعلنا نوفر من الكسب مبلغا نحسّن فيه وضعنا ! ؟
اسماعيل : أفعل ، متأكدة أنت من هذا الخبر ؟
عفاف : نعم متأكدة .
إسماعيل : وأنت كيف تعيشين ؟
عفاف : لا تهتم لأمري ، سأعمل ..إني أتقن الكثير من الأعمال..
وهكذا سافر اسماعيل في تجارة التاجر .
عفاف : يجب أن اعمل أنا لابد من مساعدة زوجي ، اني أتقن صناعة ( الحصر ) .. وبعد مدة قالت تخاطب نفسها : سأشتري نولا خشبيا واحيك السجاد
اسماعيل كان يرسل لها ما يكسبه من مال مع اهل الثقة من معارفه فتضم عفاف كسبهاالى كسبه حتى تيسر لها مبلغا لا بأس به .
عفاف تخاطب نفسها : والآن يا عفاف آن الأوان كي تقومي بعمل جيد يفرح به اسماعيل عند عودته، سأشتري بعض الثياب الجديدة وبعض أدوات الزينة وسيراني اسماعيل جديدة وجميلة وسيفرح كثيرا .
مازالت تكلم نفسها : لا...لا.. ليست المرأة المحبة هي التي تهدر مال زوجها على العطور والثياب وأدوات الزينة ، المرأة العاقلة هي التي تحافظ على مال زوجها وعلى بيتها ونفسها .
ماذا ستفعلين يا عفاف ! ماذا ستفعلين ؟ قطبت جبينها فكرت .. صاحت: وجدتها ..سأبني قصرا مثل قصر والدي المال وفير والحمد لله . سأفاجئ الجميع أبي وإسماعيل و...
نفذت عفاف ما عزمت عليه وبنت القصر قريبا من قصر والدها
عفاف : لم يبق إلا عودة اسماعيل... مضى على سفره ثمانية عشر شهرا ، وهذا أوان عودته...
ولكن إلى أين يعود ! ؟ وهو لا يعرف سوى مكان عمله في الحمام ، وبيت الحاجة أم محمود ؟
إنها معضلة..إني سابقي أمر هذا القصر سرا وافاجئ اسماعيل وكذلك أفاجئ والدي بما فعلت وأنجزت !
المشهد الخامس :
لا بد من عمل شيء لأحصل على إسماعيل ماذا ستفعلين يا عفاف ماذا ستفعلين ؟
قالت بعد تفكير : نعم ..نعم..إنها فكرة سأطلب من الخادمتين مراقبة الطريق فإذا شاهدتا شخصا غريبا يراقب قصر والدي فلتحضراه لا شك أنه اسماعيل قد جاء يبحث عني .
وبعد أيام عادت الخادمتين ومعهما رجل حيران وخائف
يا سيدتي.. يا سيدتي هذا سيدي إسماعيل معنا ...
عفاف : اسماعيل ! ! – كادت تصعق من وقع الكلمات – وكان اللقاء صامتا والقلبان فقط يخفقان بلهفة المشتاق
اسماعيل : هل أنا في حلم ؟ وبدأ يبكي كالأطفال..
عفاف : أهلا بعودتك الى بيتك يا إسماعيل ( وامسكت بيده، وسحبته الى الغرفة الكبيرة وهي تخاطب الخادمتين وتقول :
جهزا الحمام لسيدكما .
وحكت عفاف لزوجها كل الذي فعلته في غيابه
عفاف : هذا القصر قصرك
إسماعيل: بل هو قصرك أنت يا عفاف
عفاف : إنه قصرنا وسوف نزرعه بالحب والوداد يدا بيد
اسماعيل يحضنها : يدا بيد ياحبيبتي يدا بيد .
وبعد شهرين من هذا التاريخ كان اسماعيل قد أسس متجرا صغيرا وبدأ العمل فيه
عفاف : الآن يا اسماعيل يجب أن ندعو والدي ونعرفه على القصر
اسماعيل : ونطلعه على الذي فعلناه معا
عفاف : إذن يجب أن يسهر عندنا نهاية الأسبوع ، وسأعد له طبقا من الحلوى كان يحبه من يد أمي عليها رحمة الله
اسماعيل : عندها سيعرف ماذا تفعل المرأة العاقلة ويعرف دورها في حياة الرجل ... وصدق من قال : الرجل جاني والمرأة باني .
انتهى
وسوم: العدد 683