إنها أمي
مسرحية
الحاج خليل صاحب دكان في الحي
السيد علاء الدين مختار الحي
فؤاد الحمال من سكان الحي
عبد الودود الطفل الشاب ابن الأرملة
المشهد الاول :
المختار علاء الدين : السلام عليكم يا حاج خليل، هل مرّ بك جارنا فؤاد ؟ اريده بعمل
الحاج خليل : عليكم السلام يا مختار ، والله فؤاد منذ قليل مرّ بي وقصد إلى عمله ، خير ما هو العمل ؟ هل يمكن المساعدة ؟
المختار : تسلم يا حاج خليل ، نريد أن ننظف غرف البيت قبل حلول الشتاء ، ويلزمنا من يساعدنا في تحريك العفش ونقله ، على كل حال لا تقلق ، سوف أ دبر الأمر
الحاج خليل : عليك ب عبد الودود يا مختار ، منذ قليل رأيته عائدا الى بيته ، عبد الودود يمكنه المساعدة ، إنه شاب صغير لكنه ما شاء الله قوي البنية ، ويبقى ابن الحي
المختار: ومن عبد الودود هذا ؟ لم أسمع به في الحي ، أين يسكن ؟
الحاج خليل : ولو يا مختار أنت من يجب أن يعرف ألست المختار! إنه عبد الودود ابن الأرملة
المختار: اااه قل لي من الصبح إنه ابن الأرملة يضحك هل تصدق أني لا أعرف اسمه عبد الودود حتى الآن الكل في الحي يقولون ابن الأرملة
الحاج خليل : عال .. جميل ها قد عرفت الآن، إنه مؤدب وخلوق ونشيط أيضا
المختار : أحسنت يا حاج إنه يفي بالغرض ، سأستدعيه من البيت، شكرا لك .
الحاج خليل : مع السلامة.. يكلم نفسه.. مختار ولا يعرف أسماء أبناء حارته ، واسماء أبناء جيرانه ، كيف يفعل اذا سأله أحد عن هذا الشاب؟
المختار. : وهو في طريقه إلى منزل الأرملة يقول : ما شاء الله هذه الأرملة صار ابنها شابا .. وصل المنزل ، ط ق الباب ، صوت من الداخل. من ؟ من الطارق ؟
المختار : أنا المختار يا أختي هل ابنك موجود ؟ أريده لمساعدتي بعد إذنك
الأم الأرملة : ولكن يا مختار عبد الودود يراجع دروسه ويذاكر للامتحان كما تعلم صار الامتحان على الأبواب
المختار: لن أعطله كثيرا .. ساعة ..ساعة فقط يا أختي
الأم : حسنا ، سوف ادعوه لك
المشهد الثاني :
المختار : إذن .. أنت تدرس ؟ في اي صف يا عبد الودود ؟
عبد الودود: أنا في الصف العاشر يا مختار
المختار: ما شاء الله وكيف أنت في الدراسة ؟
عبد الودود : الحمد لله .. حتى الآن أنا من الأوائل المتفوقين
المختار: ما شاء الله .. ما شاء الله .. ومن يساعدك يا عبد الودود ؟
عبد الودود : لا أحد.. عندي أمي مدّ الله في عمرها هي لي : أم وخادمة .. وراعية .. ومربية .. ومعلمة ..وطبيبة ..ووو.. تساعدني في كل شيء
المختار : وهل أمك متعلمة
عبد الودود : أمي هي أمي صحيح أنها لا تحمل شهادات ولكنها تعرف كيف تنشئ الرجال يا مختار، لقد أقسمت أن تجعل مني رجلا يشير إليه الناس بالبنان. ويكون اسمي على كل لسان ، هكذا قالت..
المختار : يسرح بفكره هامسا اي اي اي هذه الأم سوف تجعل من ولدها رجلا مرموقا.. لا بأس سنرى كيف تفعل ذلك وهي أرملة
عبد الودود وقد سمع. شيئا من همس المختار : ماذا تقول يا مختار ؟
المختار : أريد أن تساعدني في نقل العفش في البيت من أجل تنظيف الغرف ولن أنسى جهدك انشاء الله بارك الله فيك .
المشهد الثالث :
في المساء عند دكان الحاج خليل التقى المختار مع فؤاد الحمال، وبدأ الثلاثة يتجاذبون أطراف الحديث
المختار : هل سمعت يا مختار ماذا تنوي الأرملة ؟
الحاج خليل : ماذا تنوي يا مختار ؟
المختار : إنها أقسمت أن تجعل من ابنها رجلا مرموقا ويشار إليه ويكون علما في البلدة ! من أين لها هذه المسكينة ؟ وكيف ؟ كان الله في عونها
فؤاد الحمال : صدّق يا مختار ، يمكنها ذلك إذا أرادت، لماذا تعجب !
المختار: ولكن .. كيف ؟
فؤاد الحمال :بالأمس سمعت في درس الشيخ محمود في المسجد أن الإمام الأوزاعي المشهور كان يتيما ونشأ في كنف أمه ورعايتها
الحاج خليل : لم العجب يا مختار كم من الأيتام كانوا حديث الناس وسادة الدنيا ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم نشأ يتيما وهو قدوة كل يتيم
المختار : صلى الله عليه وسلم ، ولكن هذه الأرملة مغمورة ، فقيرة .
فؤاد الحمال : ولكنها أم ، والأم إذا أصرت على شيء وصلت إليه ، واذا أرادت أمرا لابنها حصلت عليه بفضل امومتها وحبها لولدها. وكما قلت لك يامختار أم الإمام الأوزاعي تنقّلت به من بلد الى بلد طلبا لتعليمه وتربيته ، فربته تربية عجزت الملوك عنها وصار ابنها يفتي الناس وهو ابن ثلاث عشرة سنة كما سمعت من الشيخ محمود في المسجد أمس
الحاج خليل : إنها الأم يا مختار ، ألم يقل الشاعر :
الأم مدرسة إذا أعددتها
اعددت شعبا طيّب الأعراق
لا تستصغر أحد، ولا تستصغر عمل، إن الجبال من الحصى، المهم العزم والهمة العالية
المختار : والله كلام جميل ،كلام صحيح ، والإنسان كل ما كبر بالعمر يتعلم أشياء جديدة
فؤاد الحمال : لو واظبت يا مختار على سماع دروس الشيخ محمود لتعلمت الكثير ، لكنك رجل ملول ليس لك صبر على سماع مثل هذه الدروس
الحاج خليل : صحيح يا مختار نحن لا نحمل شهادات ، ولكن هذا ديننا تعلمناه منذ نعومة أظفارنا ،وقد تعب علينا أهلنا كثيرا عليهم شآبيب الرحمة والرضوان
فؤاد الحمال : أنا وصلت في دراستي حتى الصف التاسع ، ولكني تعلمت الكثير، هل تعلم أن شيخ الإمام مالك الذي تلقى العلوم على يديه يدعى ربيعة بن أبي عبد الرحمن، هذا الشيخ نشأ يتيما ،واعتنت به أمه وحرصت على تعليمه ، وانفقت على تعليمه ثلاثين ألف دينار ورثتهم من زوجها ، انظر كيف كانت النتيجة !
الحاج خليل : الإمام الشافعي توفي أبوه وهو لا يزال في المهد ، فتولت امه تربيته ، وانتقلت به من غزة الى مكة عند أخواله وصبرت وتحملت ، وبهمة عالية. ، وإصرار لا مثيل له ، تفرغت لتربيته وتعليمه ورغم أنه نشأ يتيما ، فقيرا ولكنه ملأ الدنيا علما وحكمة ، وهكذا الأمهات ذوات الهمة العالية يفعلن
فؤاد الحمال : الإسلام يا مختار يريد منّا أن نعتني ببناتنا عناية خاصة ليكنّ أمهات مميزات ، ينشّئن رجالا ملء السمع والبصر وليس أقزاما قاصرين في ثياب رجال !
المختار : جزاكما الله خيرا ،لقد سمعت منكما دررا
الحاج خليل : وهذه من بركات عبد الودود الذي كان سببا في هذا الحديث المفيد ، أليس كذلك يا مختار ؟
وسوم: العدد 741