أنس يلمان لـ"الشرق": قطر وتركيا تجاوزتا الأزمات بتعاونهما وصلابة موقفهما
اتفاق قطري تركي على رفض أي إجراء للتطبيع مع الأسد
البلدان يقفان جنباً إلى جنب في مواجهة التحديات والأزمات
واشنطن تسعى لتشكيل تحالف ضد تركيا بذريعة مواجهة إيران
أنقرة لن تتراجع عن محاكمة قتلة خاشقجي والعملية كانت فخاً لها
التعاون مع تركيا في سوريا خيار لا بديل عنه لواشنطن
إحلال قوات عربية في سوريا تشويش إعلامي وجس نبض أمريكي
الانسحاب الأمريكي من سوريا استكمال لسياسة أوباما
سحب القوات الأمريكية خطوة تهدف لابتزاز السعودية والإمارات
أكد أنس يلمان مدير المكتب الدولي في جامعة ابن خلدون التركية، أن قطر وتركيا تجاوزتا أزماتهما بتعاونهما وصلابة موقفهما، وأن البلدين يقفان جنباً إلى جنب في مواجهة التحديات والأزمات، مشيراً إلى أن هناك اتفاقاً قطرياً تركياً على رفض أي إجراء للتطبيع مع الأسد.
وكشف يلمان في حواره مع "الشرق" أن واشنطن تسعى لتشكيل تحالف ضد تركيا بذريعة مواجهة إيران، لافتاً إلى أنه لا بديل لواشنطن غير التعاون مع تركيا فيما يتعلق بالملف السوري.
ووصف إحلال قوات عربية في سوريا بعملية التشويش الإعلامي ومحاولة أمريكية لجس نبض الدول العربية وتركيا، معتبراً أن انسحاب القوات الأمريكية يهدف لحصول واشنطن على مزيد من الأموال من السعودية والإمارات.
وشدد على أن أنقرة لن تتراجع عن محاكمة قتلة خاشقجي ، خصوصا وأن العملية كانت فخاً منصوبا لها، مؤكداً أن سعود القحطاني يمارس صلاحياته كما كان في السابق.
وإلى نص الحوار..
* امتدح الرئيس أردوغان قطر مؤخراً حيث أشار إلى أن الدوحة وقفت مع بلاده في كافة الفترات العصيبة.. كيف تقيم العلاقات القطرية التركية على ضوء هذه تصريحات؟
من المعروف أن العلاقات القطرية التركية وثيقة، والبلدان يقفان جنباً إلى جنب في مواجهة التحديات والأزمات، فقطر وقفت مع تركيا في المحاولة الانقلابية الفاشلة، والأزمة الاقتصادية التي مرت بها، دون النظر إلى الضغوط الأمريكية، وأنقرة من جانبها ساندت الدوحة في حصارها، وحشدت كل إمكاناتها السياسية والاقتصادية والعسكرية للدفاع عنها وحمايتها من المخاطر التي تعرضت لها، بغض النظر عن علاقة تركيا بالأطراف الأخرى.
وبالتالي فإن الدولتين تجاوزتا كافة الأزمات التي وجهتهما من خلال تعاونهما، وهو التعاون الذي عمّق الأخوة بينهما.
رؤية وإستراتيجية واحدة
* كون الدولتين لهما رؤية وإستراتيجية مشتركة لقضايا المنطقة، إلى أي مدى يمكن لقطر وتركيا أن تطبع مع نظام الأسد كما فعلت دول أخرى؟
إذا ما نظرنا إلى تصريحات وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، التي أعلن فيها رفض قطر التطبيع مع نظام الأسد، وهو نفس الموقف التركي، فإن ذلك يكشف عن وجود رؤية وإستراتيجية واحدة للبلدين في ما يخص الملف السوري، هذه الرؤية ليست استعمارية أو توسعية وإنما هدفها الأساسي خدمة الشعب السوري وشعوب المنطقة، وهذا ما ينطبق على جميع الأزمات.
ومن المؤكد، أن تركيا أعلنت موقفها النهائي من هذا الأمر في وقت سابق، والذي يتمثل في عدم الاعتراف بالأسد إلا بعد إجراء انتخابات جديدة ونزيهة، يشارك فيها جميع أبناء الشعب السوري.
* بخصوص سوريا، هل الانسحاب الأمريكي من سوريا يصب في صالح تركيا والمنطقة؟
* لا شك، أن هذا الانسحاب مشكوك فيه، خصوصاً أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يعلن عن سياسة واضحة في سوريا لما بعد الانسحاب، وهذا هو الأهم بالنسبة لتركيا، فأنقرة لا يهمها الخروج الأمريكي من سوريا بقدر حرصها على المرحلة التالية.
وفي تقديري فإن استراتيجية ترامب المتعلقة بالانسحاب من المنطقة تعد تكملة لسياسة أوباما، وهذا ما أكده وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون.
علماً بأن قرار ترامب الانسحاب من سوريا "إن تم" يأتي ضمن قراراته التي يسعى من خلالها للفوز بفترة أخرى في الانتخابات القادمة، كما فعل في موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس للحصول على دعم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ، حيث إنه وعد الناخبين بسحب القوات الأمريكية الموجودة في الدول الأخرى، إضافة إلى هدف آخر وهو الحصول على المزيد من الأموال من السعودية والإمارات.
الانسحاب الأمريكي
* لكنّ تركيا رحبت في البداية بالانسحاب الأمريكي من سوريا؟
هذا صحيح، لكن التصريحات الأخيرة سواء من ترامب أو من المسؤولين الأمريكيين أثارت الكثير من الاستفهامات والقلق لدى صانع القرار التركي، الذي يترقب الانسحاب بحذر، خصوصاً أن جميع التجارب أثبتت أن الولايات المتحدة حليف غير موثوق به.
* على ذكر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.. ما تفسيرك لزيارته إلى المنطقة؟
في الحقيقة، فإن بومبيو حاول في زيارته الضغط على بعض الدول العربية والخليجية للانضمام إلى تحالف ضد إيران، ونوعاً ما ضد تركيا، إلا أن العلاقات القطرية التركية لن تتأثر بهذا التحالف أبداً.
وأعتقد أن التحركات الأمريكية تهدف في المقام الأول لمحاصرة تركيا بذريعة منع التمدد الإيراني في المنطقة، فواشنطن تحاول توحيد الصف الخليجي بمشاركة مصر بذريعة مواجهة إيران، إلا أن الهدف الحقيقي هو لعب دور ضد تركيا باستخدام مسألة القومية، وهذا ما صرح به الرئيس الأمريكي في تغريدته الأخيرة، وفهمناه في أنقرة خلال زيارة بولتون.
تدخل عربي
* تحدثت تقارير عن استعداد بعض الدول العربية لإرسال قواتها إلى سوريا.. كيف تقرأ هذا الأمر؟
أنا استبعد إقدام بعض هذه الدول على الحضور إلى سوريا، خاصة أن السعودية مهزومة في اليمن، والنظام المصري متورط داخلياً، والإمارات لا تمتلك جيشاً قوياً، وبالتالي فمن الصعب عليهم التدخل في دول أخرى. لذلك أعتقد أن هذا الأمر من قبيل "التشويش الإعلامي" ، ومحاولة جس نبض أمريكية لهذه الدول، ولتركيا أيضا.
*ما خيارات واشنطن بعد الانسحاب من سوريا؟
في تقديري، أن واشنطن أمامها 3 خيارات، الأول تسليم مناطق الانسحاب لقوات عربية، مثل السعودية والإمارات ومصر، وكون هذه الدولة ضعيفة كما قلت سابقاً، فستتغلب عليهم إيران وتتمدد وتوسع نفوذها، والخيار الثاني، سيطرة روسيا على هذه المناطق، وهذا خيار صعب في ظل توتر العلاقات الثنائية والصراع بينها وبين الولايات المتحدة، وكلا الخيارين يمثلان تهديداً لأمن إسرائيل.
أما الخيار الثالث، الذي لا بديل لواشنطن عنه فهو التعاون والتنسيق مع تركيا، التي هي الأقدر على إحداث توازن في مناطق الانسحاب الأمريكي، لأنها تتمتع بعلاقات طيبة مع جميع الأطراف ذات النفوذ فيما يتعلق بالملف السوري.
مقتل خاشقجي
* مرت منذ أيام ذكرى مرور 100 يوم على مقتل خاشقجي.. أين وصلت قضيته وهل بالفعل هناك ضغوط أمريكية لإغلاقها؟
كما تعرف، فإن جميع الجهات والمنظمات الدولية والأمم المتحدة، بل والكونجرس الأمريكي يطالبون بكشف الحقيقة في قضية خاشقجي، وما الجهة التي أمرت بقتله، لكن في المقابل فإن البيت الأبيض يحاول إغلاق الملف بطرق مختلفة، وهذا في حد ذاته إشارة واضحة لوجود دور أمريكي في قتل خاشقجي للنيل من تركيا.
أما بالنسبة لتركيا، فالكل يعلم ما قامت به من جهود لكشف وفضح ومحاسبة قتلة خاشقجي، وتدويلها للقضية وجعلها قضية رأي عام دولي، وبالتالي فإنها ستتعامل مع الجريمة باعتبارها قضية دولية.
علماً أن سعود القحطاني مستشار بن سلمان أحد ابرز المتهمين في القضية ما زال يمارس صلاحياته كما كان في السابق.
محاسبة القتلة
* برأيك، لماذا لم يعلن الوزير الأمريكي موقف بلاده الواضح من قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي؟
هذا دليل على أن قضية خاشقجي لم تكن بإدارة سعودية فقط، وإنما بتعاون الولايات المتحدة، التي دعمت من قبل المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وفي رأيي أن عملية خاشقجي كانت فخاً لتركيا ضمن الفخاخ التي تنصب لها بهدف توريطها وإفشال تجربتها الناجحة.
* إذاً، تركيا تصر على محاسبة قتلة خاشقجي؟
بكل تأكيد، فتركيا لن تتراجع عن محاسبة بن سلمان ومحاكمة قتلة خاشقجي، لكن في المقابل تركيا حريصة على علاقتها بالسعودية وشعبها، وهذا هو منطلقها الأساسي في قضية خاشقجي، فأنقرة تدافع عن حق مواطن سعودي وتطالب بمحاكمة قتلته من أبناء وطنه، حتى لا يتجرأ أحد مستقبلاً بتكرار هذا الفعل مع مواطنين سعوديين آخرين.
وسوم: العدد 807