تفاعلاتُ العقيدة القتالية الوطنيّة في معركة عفرين

بكثيرٍ من الحيادية، و قليل من الانطباعية، يمكن القول: إنّ ثَمَّة عاملاً  مهمًّا، كان له بالغ الأثر في تطورات الأحداث في معركة عفرين، على مدى سبعة و خمسين يومًا، وصولاً إلى صبيحة هذا اليوم: الأحد:18/ 3، الذي كانت في السيطرة الناجزة على مركز المدينة، و انهيار منظومة حزب العمال الكردستاني، التي ما تزال تعيش بذهنية الثنائية ( الاشتراكية ـ الإمبريالية )، و تريد أن تجسّدها على أرض الواقع بأدوات أثبتت الأيام انتهاء صلاحيتها، و على يد أحد أبنائها السوفييت ( غورباتشوف )، عام 91 من القرن الماضي.

لقد أرادت مجموعة قنديل أن تجعل من الحالة السورية، حصانًا تمطيه على آلام و عذابات السوريين، في أطول و أقسى محنة تمرّ بها شعوب المنطقة، و هي تطالب بأبسط حقوقها.

فعقدت تحالفات مع عالم الأضداد، تارة مع النظام في مواجهة معارضيه، و تارة أخرى مع الروس في مواجهة الأمريكان، و ثالثة مع الإيرانيين في مواجهة الأتراك.

الأمر الذي جعل منها خشبة، يعبرُ عليها كلُّ من أراد أن يصل إلى مصالحه في المملحة السورية، من غير أن يجدوا لهم مصلحة تتحقّق، و لو على المدى القصير؛ فالكلّ قد نكث ما قطعه لهم من الوعود.

فلقد ذهبت الوعود بإقامة مقاطعة ( روج آفا ) أدراج الرياح، مثلما ذهبت أحلام قادة أربيل في ولادة ( جمهورية مهاباد ) الثانية، و على يد ذات الحليف.

و في هذا لا يتردّد كثيرٌ من المراقبين، في الإشارة إلى أمرٍ ذي أهمية، في خضم ما تمّ تتويجه اليوم في عفرين، لهذه العملية التي خاضها منتسبو الجيش الحر، أو الجيش الوطني السوري، الذين تمظهروا بمظهر مهنيّ في غاية الوضوح، بدءًا من اللباس و الهيئة، و انتهاء بالتراتبية و الاحترافية، التي غابت مظاهرها عن منتسبي الفصائل الأخرى، التي غدت عبئًا على الملف السوريّ.

هذا فضلاً على تبدّي حالة، سعَت أطراف عدّة لتغييبها عن الثورة السورية، تمثَّلت في الترويج لعقيدة قتالية ذات أيديولوجية معولمة، غريبة المنبت و المنشأ و المقاصد، تنحّي جانبًا المشاعر الغرائزية، التي ينحاز إليها الإنسان في حالات الالتصاق بالفطرة الإنسانية.

تلك المشاعر التي جعلت سعد بن أبي وقاص، يقسِّم جيش القادسية وفقها، فكانت قبيلة بجيلة في الميمنة، و كندة في الميسرة، و بني أسد في الميمنة، و بني تميم في مكان مفرد لها، و ....؛ و ذلك حتى تتمايز القبائل، و يستبسل المقاتلون في الذود عن أبناء العمومة، و الخؤولة، و تُعرف نقطة الضعف، و الثغرة التي يؤتى منها الجيش.

 و تلك ستكون مثلبة تتحاشاها القبيلة، و لو فنيت عن بكرة أبيها، و هو ما جعل قبيلة بني أسد لوحدها تضحي بـ (500 ) من أبنائها، في يوم ( أرماث ) الأول، خشية أن يشار إليها بالتقهقر أمام قوات ( الهرمزان، و الجالينوس )، و كادت بجيلة أن تفنى تحت ثقل سلاح الفرسان الساساني، و فيلته الرهيبة، و لم ترض لنفسها الدنية، و ثبتت مع قائد سلاح الفرسان ( جرير بن عبد الله البجلي)، ابن قبيلتها المُعلَّم.

تلك هي العقيدة القتالية، التي حملت مقاتلي الجيش الحر على الاستبسال، لجلب النصر، و انتزاع الأرض من أخلاط شتى، من مقاتلي ( بي كي كي )، الذي لم يربطهم بتلال عفرين، سوى عالم من الأوهام و التخيّلات، جعلتهم يفرّطون بها في ( 57 ) يومًا فقط، في الوقت الذي كانوا يعدون فيه حواضنهم بفيتنام تركية، يطول أمدها لسنوات مديدة. 

وسوم: العدد 764