ثورة النقابات العلمية في ثمانينات القرن الماضي
اعزائي القراء ..
يومها كان الوضع متأزما جداً وحالة من الإضرابات عمت مدينة حلب وباقي المدن السورية ، مما فرض علينا نحن في النقابات العلمية ان نأخذ دورنا مشاركين الشعب السوري همومه وطموحه من اجل الحصول على حريته.
نقابتنا الهندسية كانت في مقدمة النقابات نشاطاً مما جعلها في محل رصد مركز من مخابرات النظام.
الاستعداد لانتخابات النقابة يومها كان في قمته ، وكسر طوَّق التزوير المزمن كان هدفنا جميعاً ، فكما سيطر النظام على نقابات العمال والفلاحين والطلاب بدأ بالتسلل الى النقابات العلمية لتحويلها الى مجرد شعار يعلق على أبواب النقابات صورة( بطل الصمود) وعبارة بجانبها بالروح وبالدم نفديك يا اسد مع تحيات المهندسين السوريين لسيادة الرئيس .
بدأت المنافسة الشديدة بين المهندسين الأحرار وبين حفنة من مهندسي الحزب والمخابرات.
الوعي كان كاملاً والنتيجة لصالح الأحرار حسمت مسبقاً.
شعرت المخابرات بالحرج امام ( السيد الرئيس )، فاجتمعت مع النشطاء المهندسين في النقابة قبل التصويت وتوسلت اليهم لاول مرة ان تضم قائمة الأحرار بعض من مهندسي المخابرات ، فكان الرفض قاطعاً وعادوا بخفي حنين وأضمروا لنا شراً، بدأت شرورهم بإلقاء قنبلة على حديقة النقابة وكنا مجتمعين فيها من قبل عناصر مخابراتية داخل سيارة مسرعة توجهت مباشرة واختفت في بناء امن الدولة امام قصر المحافظة.اصيب لنا بعض المهندسين ونقلوا الى المستشفايات القريبة.
نجحت قائمة المهندسين الأحرار بالكامل وبنسبة عالية واستلم رئاسة النقابة الدكتور المهندس المرحوم خير الدين حقي أستاذ في جامعة حلب ووزير سابق، وللعلم فان الدكتور حقي هو رجل علماني وطني نظيف وهذا يدل على ان ثورة الشعب السوري لم تكن ذات توجه واحد والذي حاول النظام ان يتهمها بانتمائها للإخوان وان كان الاخوان جزءاً من الحراك الوطني... كما يحصل اليوم باتهام الثورة من انها مجموعات ارهابية ،وكان اخي المهندس غسان احد الناجحين باصوات عالية.
ثارت ثائرة المخابرات وبدأوا بزيارة النقابة بصورة متكررة واجتمع رئيس الفرع مع الدكتور حقي مراراً يطلب منه (بلطف) إرسال اعضاء النقابة الى فرع المخابرات السياسية للاجتماع بهم مع فنجان قهوة وأعادتهم معززين مكرمين الى النقابة خلال ساعة.
اجتمع المهندسون في النقابة مع رئيسها وقرروا عدم الاستجابة لغدر النظام الذي ادمن عليه منذ احتلاله لسوريا وبعد جملة مناقشات ووعود خطية من رئيس المخابرات السياسية وترجيات مخابراتية بلغت مستوى الاذلال، ذهب اعضاء مجلس النقابة الى فرع المخابرات وبقي المهندسون ورئيس النقابة مستنفرون في بناء النقابة حتى عودة اعضاء المجلس.
ومر اليوم الاول...
ومر اليوم الثاني.. والثالث والدكتور حقي يتصل بالمسؤول ولا احد يجيبه . حاولت الذهاب شخصيا لمقابلة احد مسؤولي المخابرات للسؤال عن الأعضاء في المجلس وكان اخي غسان من بينهم. الا ان الفكرة ألغيت بسبب الخشية من اعتقالي.
وبعد ايام جاء الرد ..
اعضاء الجلس تم تحويلهم مع اعضاء في النقابات الاخرى الى سجن الشيخ حسن في دمشق ..وليس لنا علاقة بالموضوع.
وهنا تبدأ قصة اخرى . سياتي وقت لسردها.
اخواني
هذا هو النظام الذي تعرفونه جيداً
ولكن لابد من اعادة كتابة التاريخ محاولين تضمينه كل نقطة وفاصلة واشارة استفهام حتى تفهم اجيالنا القادمة لماذا قامت الثورة...
تحياتي..
وسوم: العدد 768