ملالي قم والوعيد بالرد المزلزل!!

 الولايات المتحدة وعصاها الإيرانية الطائفية : كسر أو هصر ؟

يمكن لأي متابع يريد أن يكوّن فكرة عن طبيعة نظام الملالي في طهران وكذا عن مشتقه الواقعي في دمشق أن يراجع كل التصريحات التي صدرت عن ملالي طهران ، الرسميين في مواقع المسئولية وحواشيهم على الخارطة الإيرانية والعراقية واللبنانية على مستويين :

المستوى الأول : ما صدر عنهم من وعيد بحق الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة في حال ألغت الولايات المتحدة الاتفاق النووي مع طهران ثم هذه اللجلجة المخزية بعد أن حصحص الحق ، وألغى الرئيس الأمريكي الاتفاق ، بجرة قلمه المعهودة .

والمستوى الثاني : تصريحات التهديد والوعيد التي ما زالت تصدر ، عن هذه الجهات تحت شعار : ( الموت لإسرائيل ) ، تصريحات العنفوان بعد كل عدوان صهيوني على الأرض السورية ، أو بعد توجيه كل ضربة على المواقع الإيرانية فيها ، وما أكثر منذ مطلع هذا العام هذه الضربات.

ولكي لا تخوننا الذاكرة نستعيد في هذا المقام ما تصريحات : ملالي طهران وحسن نصرالله والأسديين معا ، بعد عملية إسقاط الطائرة الصهيونية قرب القنيطرة بعشرة صواريخ سام ، في 10 / 2 / 2018 ، والذين أكدوا جميعا أن عهد الاحتفاظ بحق الرد قد ولى . وأن القوى الثلاثة ستكون بعد ذلك اليوم بالمرصاد ، وأن صواريخ هيفا ستصل حتما إلى حيفا ..

ثم لنتابع كم مرة مارس الصهاينة هواياتهم بالغارة على الأراضي السورية ، وكأن الأمر أصبح جزء من الرياضة الصباحية أو المسائية .

إن استحضار هذه الوقائع بكل أبعادها يجعلنا ندرك حقيقة هذا (الضفدع) المنتفخ زورا على أرضنا ، وبين ظهرانينا.

( ضفدع لافونتين ) المغرور في شخص علي خمنئي أو قاسم سليماني أو حسن نصر الله، الذين ظنوا أن من البطولة أن يذبحوا أطفال العراق وسورية في حواضن المستشفيات ، تحت الغطاء الروسي مرة ، وتحت الغطاء الأمريكي مرات ومرات ومرات من أفغانستان إلى العراق إلى سورية إلى اليمن إلى لبنان .

لقد مر إلغاء الرئيس ترامب للاتفاق النووي مع إيران ، والذي ترافق مع غارة صهيونية على قاعدة إيران العسكرية في منطقة الكسوة جنوب دمشق ، باستسلام قدري بئيس يكشف جبن الملالي وهزالهم وضعفهم ولؤمهم ، فهل يستقوي على النساء والأطفال إلا لئيم راضع ووضيع حاقد؟! ،

مرت الصفعتان ، صفعة ترامب من واشنطن وصفعة نتنياهو ، شلت يمينه من تل أبيب ، وكأنهما طعنتان في ( شل تبن ) كما تعودنا أن نقول . لا رد مزلزل هنا ولا رد يحفظ ماء الوجه أو ما تبقى منه هناك ..كل ما صدر عن السيد روحاني ووزير خارجيته السيد ظريف : إعلانهم التمسك بنصوص الاتفاق المهتوك ، وتوعد بجولة دبلوماسية مع الشركاء الذين نعرف جميعا مدخل أمرهم ومخرجه ، والذين أعطاهم سيد البيت الأبيض ستة أشهر ، ليصفوا حساباتهم مع العميل الذي قرر ترامب ، فيما يبدو ، إعادة هيكلته وتأهيله.

إن إقدام الرئيس ترامب بالأمس على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران لم يخرج في الحقيقة عن أطر السياسات الأمريكية التقليدية في التعامل مع من تظنهم الولايات المتحدة مجرد عملاء وقتيين ، تستعملهم لمرة أو مرات ثم ترمي بهم بعد حين .

وإذا عدنا لثمانينات القرن الماضي ، أول ما أعلن انتصار ما يسمى يومها (الثورة الإسلامية ) وما هي بثورة ولا هي بإسلامية ، وتابعنا كيف أشعلت الولايات المتحدة نار الحرب ( العراقية – الإيرانية ) التي استمرت بضع سنوات ، حشّت فيها الولايات المتحدة وشركاؤها نار الحرب على الجبهتين ، واستنزفت خيرات البلدين ، ثم وهذا هو المهم في هذا السياق ، نظرت إلى الطرف الأقوى والأقوم فيهما فكسرته شر كسرة ، دمرت الدولة ، وشتت الشعب ، وأعدمت الإنسان ..!!

لقد استمتعت الولايات المتحدة بالشراكة العملية مع ملالي طهران خلال عقود منذ إيران غيت وما تلاها. وتحت شعار الموت لأمريكا ، الذي كان بمثابة الملاءة السوداء تخفي بها المومس عارها ، بلغت الولايات المتحدة إرْبَها : من أفغانستان ، ومن العراق ، ومن منظمة التحرير الفلسطينية وقائدها ياسر عرفات في لبنان ، ثم من سورية حيث تم تدميروطن وتشتيت عشرة ملايين إنسان . ومن اليمن الخزان البشري الاستراتيجي في منجم العرب الأول ، ومن دول الخليج العربي ، الذي شكلت العصا الأمريكية المتمثلة في إيران مدخلا لابتزاز ملياراتها وبث الخوف والوهن في قلوب قياداتها ..

وعادت الولايات المتحدة اليوم لتراجع حساباتها بما أقدمت عليه من توقيع اتفاق لم تستوف به ما تظنه حقها على طريقة الابتزاز والشرذمة والتمزيق.

- لقد ارتكب مهندسو السياسات الإيرانية ، الذين نسبهم البعض زورا إلى الذكاء ، خطيئة كبرى ، حين درسوا المشروع الصهيوني ، وساروا على نهجه ، ظانين أنهم يمكن أن ينافسوه أو يشاركوه الإضرار بشعوب المنطقة حضارتها وثقافتها ووجودها .

- لقد دفعت شعوب المنطقة ولاسيما في أفغانستان والعراق وسورية ولبنان وفلسطين غاليا ثمن العمالة الإيرانية للولايات المتحدة الأمريكية ..

- لقد كتبت نصوص الاتفاق النووي ( الأمريكي – الإيراني ) بدماء أطفال سورية ، وبدموع السوريين وآلامهم . وإن هذه الدماء ستكون كلعنة النازي صاحب الهولكوست المجنون ، تلاحق كل من تآمر ووقع وأيد .

- إن طبيعة الاتفاق كان عقد شراكة بين العميل الإيراني والمستعمل الأمريكي . وإن الحديث عن ( 5+ 1) من أكاذيب السياسة التى لا ظل حقيقيا لها ، ومهما حاول ملالي طهران أن يخادعوا أنفسهم .

- ويبقى السؤال قائما : هل قرر الأمريكي كسر عصا الملالي والتخلص منها إلى الأبد كما فعل من قبل مع شاه طهران ومع صدام حسين ، ولاسيما وهو على أعتاب توافق جديد مع كوريا الشمالية المتحالفة صميمة مع الصين ؛ أو أن العملية لا تتجاوز محاولة هصر وإعادة تأهيل ، بطريقة تضمن أكثر راحة كف من يضرب بها ، وتحقيق أهدافه وغاياته ..

- لا ينبغي لأي إيراني صفوي أن يتوقع أي تعاطف من أي إنسان سوي في هذه المنطقة . وهم الذين تجاوزوا في خدمة سادتهم من الأمريكيين والروس والصهاينة أكثر مما طلبه منهم هؤلاء المتربصون الحاقدون ..

- يبقى أن نقول لكل من ظل يتحدث عن عبقرية قاسم سليماني وحسن نصر الله ، وكل هذه البنى والتراكيب السياسية المبنية على الجهل واللطم والطواف بالأضرحة وانتظار الغائب الموعود ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 771