تركيا محاصَرة : بفراغ القوّة ، أم بحزام النار.. أم بهما معاً !؟
إذا كانت الطبيعة لاتعرف الفراغ ، فسياسة اليوم ، مثلها، لاتعرف الفراغ ! وأيّ فراغ، ليس فيه قوّة ، تملؤه وتحميه ، يسمّى: فراغ قوّة ، ويشكّل – بالضرورة - مطمحاً للأقوياء ، من حوله! يَسبق إليه بعضُهم، أو يتنافس عليه متنافسون ؛ فيكون ، مع سكّانه ، ضحايا، للقوى المتنافسة !
فهل تركيا محاطة ، بفراغ قوّة حولها ، يتنافس عليه الآخرون ؛ فيشكّل نقطة خطر، على أمنها، وعلى سيادتها، وعلى اقتصادها !؟ ومعلوم عنها، في سياستها الراهنة، أنها لاتحرص، على ملء فراغ القوّة ، في الدول المحيطة بها.. بيدَ أنها، تدافع عن أمنها، إذا هدّده تنافس الآخرين ، على ملء الفراغ ، المحيط بها !
فإذا كان ماحول تركيا ، اليوم ، ليس فراغ قوّة ، فحسب ، بل معه ، في ضمنه ، حزامُ نار.. وإذا كانت تركيا مهدّدة ، بالأمرين ، معاً: (فراغ القوّة ، وحزام النار) ومطلوب منها، أن تحمي أمنها، من مطامح الآخرين ، الساعين إلى: ملء الفراغ، واستغلال الفوضى ، التي يحدثها حزام النار، وتأجيج النار، في داخل هذه الفوضى.. وتحسّ، في الوقت ، ذاته ، بواجبها، تجاه جيرانها، من منطلقات: إنسانية ، وخلقية، وسياسية..
فماذا عليها أن تفعل ، تجاه هؤلاء الجيران، الذين يشكّلون عبئاً عليها، من نواح عدّة، بل ، يشكّلون تهديداً : لأمنها ، واقتصادها ، وحياة شعبها !؟
والجواب ، هنا ، ببساطة ، هو: أن ماعلى تركيا ، أن تفعله ، قد فعلته ، وما تزال..!
لكن السؤال الكبير، هو: ماالذي يجب ، أن بفعله ، هؤلاء البائسون ، المجرّدون من القوّة ، والغارقون في دوّامة النار والدم والدمار!؟
الجواب ، هنا ، ليس بالوضوح ، ذاته ، بل ، يحتاج إلى بعض التفصيل:
أكثر الحكومات، التي تدّعي السيادة، على فراغ القوّة، في بلدانها..لاقوّة لديها؛ وبالتالي، فهي عاجزة، عن حماية أوطانها ومواطنيها، من أطماع الطامعين! وفي الوقت ، ذاته، تتشدّق ، بالسيادة الوطنية ؛ لتحافظ على كراسي حكمها ، مستعينة – على ذلك- ببعض القوى الكبرى ، المتنافسة على أوطانها !
الشعوب حائرة : بين الخوف من حكّامها، والخوف من القوى الطامعة ببلادها، والتي تكنّ لها عداوات ، قديمة وحديثة.. وتهدّدها بويلات بشعة ، إذا سيطرت على بلادها! – وهذا كله ظاهر للعيان ، يمارَس صباحَ مساء ، وعلى مرأى العالم كله - !
فماذا يبقى ، ممّا يمكن ، أن تعوّل عليه تركيا، من دول: حزام النار، وفراغ القوّة !؟
النخب والأفراد :
النخب ، موزّعة الولاءات ، مختلفة المشارب : بعضها مرتبط بحكّامه ، وبعضها مرتبط بقوى خارجية - من تلك التي تطمع بالهيمنة ، على أوطانها- وبعضها معاد لتركيا ، ومبادئها ، وسياساتها !
النخب الواعية المخلصة : وهي قليلة ، مطالَبة بالكثير، لتقدمّه ، لحماية أنفسها، وأوطانها ، وشعوبها.. عبر التنسيق ، مع تركيا : الحامية الحقيقية لها، والحريصة الحقيقية ، على أمنها وأمن أوطانها !
ولا تعجز، أيّ من هذه النخب، الواعية المخلصة..عن تقديم شيء، لأنفسها، وشعوبها، وأوطانها!
والأفراد ، الفاقدون لكل شيء ، من ضروريات حياتهم ، المهدّدون بشتى المصائب والويلات، يستطيع الكثيرون منهم ، أن يقدّموا لأنفسهم ، أشياء ، قد تغيب عن بعضهم ، وقد يعرفها بعضهم ! وقد يحقق فرد واحد ، مايعجز عنه مئات الرجال ، إذا أحسن اختيار هدفه !
وقد ورد في الأثر- وبعضهم يورده ، على أنه حديث نبويّ ، حسن السند- :
" كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الْإِسْلَامِ، اللَّهَ اللَّهَ لَا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ "
وسوم: العدد 776