اللاهوت السياسي..والإسلام السياسي
ميَّز الفيلسوف اللاهوتي ماركوس ترينتيوس فارو( 116 ق.م 27 ق.م) بين ثلاثة أنواع من اللاهوت في كتابه"Antiquitates rerum humanarume divinarum"وهي:اللاهوت الطبيعي..واللاهوت السياسي. واللاهوت الأسطوري..فرجال الدين في اللاهوت السياسي هم الناس الذين يتساءلون عن كيفية تعامل الآلهة مع الحياة اليومية وإدارة معبوداتهم..ورجال الدين في اللاهوت الطبيعي هم الفلاسفة الذين يسألون عن طبيعة الآلهة..ورجال الدين في اللاهوت الأسطوري هم الشعراء وصائغي الأساطير..وأول من استخدم مصطلح اللاهوت السياسي بعد الميلاد هو اللاهوتي أوغسطينوسAugustine (القرن الخامس الميلادي) فهو أبو اللاهوت السياسي في العهد الجديد..حيث عاش في فترة غزو الوثنيين روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية والمسيحية آنذاك وانهيار أحلام الكثيرين في دولة مسيحية..فكتب كتباً مهمة لا زالت معتمدة حتى اليوم منها:"مدينة الله"وقدم شكلاً للاهوت السياسي..إذاً فاللاهوت السياسي كما هو واضح فيما تقدم:هو إخضاع السياسة للمنطلقات والضوابط الإلهية..وهذا المصطلح الكنسي رحله العلمانيون العرب زوراً وبهتاناً وظلماً إلى الثقافة العربية الإسلامية بمسمى:"الإسلام السياسي"أي أولئك الذين يريدون أن يربطوا الأمور السياسية بالقيم والمعايير الدينية الإسلامية وإقامة دولة على أساس من التزام القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة..الأمر الذي ينبغي أن يُرفض بنظرهم كما هو الحال في السياسة العلمانية في الغرب..وأطلقوا لقب الرجعيين على الدول والمذاهب الدينية والفكرية والسياسية التي تؤمن بذلك..وهذه بتقديري مغالطة كبيرة مصدرها المقايسة الظالمة بين الإسلام دين الحياة وعمارة الكون وإقامة العدل..ودين أنسنة قدسية حياة الإنسان وحريته وكرامته وممتلكاته والأمن والسلام وصون سلامة البيئة وبين المسيحية الكهنوتية الرهبانية ..؟! وبعد أما آن الأوان لموقف استقلالي من المصطلحات الدينية والفكرية والثقافية..؟أليس من الحصافة والثقة بالنفس وبقيمنا الدينية الربانية والثقافية..؟أن نعمد إلى خطوة علمية موضوعية عميقة نجلي بها مصلحاتنا الدينية والثقافية والفكرية ونقدمها جلية دقيقة لأجيالنا والآخر..فنحرر مفردات خطابنا الفكري والمعرفي من فتنة الخضوع لمصطلحات الآخرين ومقاصدهم الدينية والفكرية والمعرفية والسياسية ..؟؟؟!فالأمل لا يزال معقوداً أن نسعى بمسؤولية جادة لتحقيق ذلك..فإن فعلنا ففي ذلك- بعون الله تعالى-الرشد كل الرشد..والفلاح كل الفلاح..والأمن كل الأمن..والاستقرار كل الاستقرار..والسيادة كل السيادة..أوليس اضطراب المفاهيم وضلال الرؤى في التعامل مع قيم الإسلام الربانية هو سبب ما تواجهه مجتمعاتنا اليوم من تهديد ومخاطر ودمار وهلاك ..؟أليست العقول العقيمة والضمائر السقيمة لدينا ولدى الآخر هي مصدر الضلال والرعب والقتل والدمار في كل مكان من العالم..؟حقاً إن الأمن الفكري والأمن الوجداني هما سبيل الخلاص والله المستعان.
وسوم: العدد 778