سُدّوا حاجاتِكم ، بأموالكم ، وارحموا أنفسكم وأهليكم ، قبل أن ترحموا شعوبكم !
حديث شريف :
(إن الأشعريين إذا أرمَلوا في الغزو،أو قلّ طعامُ عيالهم بالمدينة، جمَعوا ما كان عندهم ، في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم ، في إناء واحد ، بالسويّة، فهم منّي، وأنا منهم) متفق عليه.
فعلَ مهاتير محمد ، في ماليزيا ، شيئاً قريباً ، من هذا المعنى ، أيّام الأزمة المالية الدولية ؛ فحمى بلاده ، من تداعياتها ؛ إذ جمعَ من ماله ، وأموال الأثرياء في بلاده ، ما يسدّ حاجة البلاد ، من المال !
فهل تفعلُ الدولُ ، التي تعاني من أزمات مالية ، مثلَ هذا ، أو شبيهاً به ؟
عشرت الدول ، في العالم الإسلامي ، وفي غيره ، تعاني : من قسوة الفقر، وويلاته ، وتداعياته، وآثاره الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، والعلمية والصحّية !
وهو فقر مصطنع : صنعته عصابات، من اللصوص والمرتشين ، ممّن استلموا مقادير بلادهم، وممّن حولهم ، من الحواشي والأعوان والأذناب !
تلاشت الطبقات الوسطى ، في المجتمعات ، وانقسمت هذه المجتمعات ، إلى طبقتين ، هما: طبقة المتسيّدين ، من اللصوص والمرتشين وأعوانهم .. وطبقة البائسين ، الذين لايكادون يجدون كفاف العيش !
وإذا شحّت ميزانيات الدول، أو تلاشت ، بسبب الفساد والجهل الإداري، مدّت الحكومات أيديها، إلى المؤسّسات المالية الدولية ، مثل : البنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي .. للاقتراض منها، بشروطها القاسية ، التي تفرضها عليها ، ومن أهمّها : إلغاء الدعم ، عن الحاجات الأساسية للمواطنين ، ورفع أسعار بعض السلع الأساسية ، التي يحتاجها المواطن ، للعيش في كرامة ، أو في كفاف ! فتنشأ الاضطرابات الاجتماعية ، والثورات ، أحياناً ( ثورات الجياع )، وجيوبُ المتنفذين المتسيّدين ، ماتزداد إلاّ انتفاخاً ، من أموال البلاد !
حين استلم أردوغان بلدية اسطنبول ، وحوّلها ، من مدينة فقيرة ، تتراكم عليها الديون ، وتكثر فيها الأوساخ ، إلى مدينة راقية ، منظمة نظيفة .. سئل عن سرّ هذا التحوّل ، فأجاب ، ببساطة: إنها الأيدي النظيفة !
وإذا لم يكن مطلوباً ، من المتسيّدين ، في الدول ، أن يكونوا (أشعريين) ، فمطلوب منهم الحدّ الأدنى ، وهو: أن يحفظوا الدول ، التي يحكمونها ، من الانهيار.. أو الفوضى ، التي تطيح بهم، وبكل مااستولوا عليه ، من أموال البلدان ، وأراضيها ، وعقاراتها ، ممّا كدّسوه ، ليورّثوه لأولادهم ، وأحفادهم ، وأحفاد أحفادهم ، الذين لايعرفون مصيرهم ، فيما لو عصفت الفوضى ببلادهم !
وحسبنا أن نورد هذه الفقرة ، للدلالة ، على مايجري في العالم ، على أيدي المجرمين ، من منظّري الاقتصاد الرأسمالي الجشع ، وتلاميذهم ، الذين يحكمون الدول ، ويرهقون الشعوب:
عقيدة الصدمة: (صعود رأس مالية الكوارث (بالانجليزية عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث ) هو كتاب للمؤلفة الكندية ناعومي كلاين صدر سنة 2009. يمكن اعتبار هذا الكتاب الموسوعي الضخم ، أهمّ ما صدر، عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية ، المطبّقة ، من قِبل المؤسّسات ، و الدول الكبرى ، في العالم ، منذ ثلاثين عاماً، وخاصّة ، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ، وإلى الان.[1] وفي هذا الكتاب، تشرح نعومي كلاين ، أسطورة انتصار اقتصاد السوق الحرّة ، عالميًاً ، بطريقة ديمقراطية، وتكشف أفكارَ ومسارات المال، وخيوط تحريك الدُمى ، وراء أزمات وحروب ، غيّرت العالم ، في العقود الأربعة الأخيرة [2] وتسمّي الكاتبة هذه السياسات : بسياسة " المعالجة بالصدمة ". وتشرح ما جرى ، في البلدان ، التي تعرّضت للعلاج ، بعقيدة الصدمة، كما تشرح تأثير، سياسات صبيان مدرسة شيكاغو(إقتصاد) على الدول التي طبقتها، سياسياً واجتماعياً، من إندونيسيا سوهارتو ، إلى تشيلي والأرجنتين والبرازيل.. ثمّ روسيا وشرق آسيا ، وصولاً إلى العراق ! حيث يقوم مذهب رأسمالية الكوارث ، على استغلال كارثة، سواء أكانت انقلاباً ، أم هجوماً إرهابيا، أم انهياراً للسوق، أم حرباً، أم تسونامي، أم إعصاراً..من أجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية ، يرفضها السكّان، في الحالة الطبيعية! وسبحان القائل : ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراً .
وسوم: العدد 778