غزة على وقع الرصاص

تسخين الوضع العسكري مع غزة ورفع مستوى ومنسوب التوتر وقرع طبول الحرب يعيدنا لفهم طبيعة الصراع مع المشروع الصهيوني ومحطات الانعطاف التاريخية في مسار هذا الصراع .

فعلى الرغم من تواصل الشعب الفلسطيني بثوراته المتتالية منذ اللحظة الاولى للاحتلال البريطاني الا ان تلك الثورات أُجهضت بفعل الخذلان العربي و / أو غياب الرؤية الاستراتيجية لادارة الصراع.

فالثورات الفلسطينية التاريخية التي حُوصرت وقُمعت اصبحت نشيدا خالدا وملهما للشعر والادب والخيال الوطني.

واخرى استهدفت بالاحتواء لدرجة الانحراف بعد ان فقدت الصبر وقالت : 

( يا وحدنا ) وتاهت البوصلة فاذعنت لمعطيات اللحظة الراهنة وخضعت لقواعد الاستسلام ورضيت بواجب الدور الوظيفي في حماية الأمن الصهيوني كما هي الانظمة الرسمية وما يسمى بدول الطوق.

المعادلة التي احتكم لها الجميع أن "اسرائيل" شر لا بد منه هذا مع افتراض حسن النوايا واصبح حفظ الامن الصهيوني واجبا وطنيا او قوميا من اجل بقاء الانظمة والكراسي. 

اهمية صمود المقاومة في غزة في معادلة الصراع انها اعادته الى المربع الاول باعتباره صراعا وجوديا وليس على الحدود والمكاسب وبطاقات ال vip .

الصراع في نشأته لم يكن من اجل اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ولم تنشأ منظمة التحرير لاجل قيام تلك الدولة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ .

نقطة البداية وفلسفة الصراع هو دحر الاحتلال وتحرير فلسطين واما البرامج المرحلية والواقعية وما يتبعها من اعتراف وتطبيع وتدجين انما هو تفريط بالحقوق وانحراف خطير من شأنه ان ينتج العربي الجديد الذي يقاتل لاجل "اسرائيل" وامنها.

هي حرب الارادات إذا وابرز تجلياتها انها حرب الادمغة والعقول .

ومن نتائجها ان تُخضع الإدارة  "الإسرائيلية"  لقواعد الاشتباك الجديد. ما يعني ان اي اعتداء على غزة سيقابل بالرد الفوري .

( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ).

كعب أخيل "اسرائيل" ونقطة ضعفها الأمن المهدد من فوقهم على الرغم من القبة الفولاذية  وخشية من الانفاق التي أسفلهم.

جيش الاحتلال الذي اعتاد أن يخوض معاركه مع الجيوش النظامية ويحسمها لصالحه بصورة خاطفة ومتفوقة، لا يحتمل الخسائر المؤلمة وحروب الاستنزاف، وهذا هو العنصر الجديد في الصراع، قوة الإرادة والردع التي أنتجت ثقافة جديدة أصبحت غزة بموجب تلك الثقافة شر لا يمكن تلافيه فالبحر لم يبتلعها كما تمنى رابين ذات يوم، ولا الإرادة قابلة  للانكسار والشعب يتجلى بابداعاته النضالية كلما اشتد الحصار. 

  والنتيجة لا مفر من  تجنب الاحتكاك او الاشتباك معها لان اهلها اولي باس شديد.

غزة التي صنعت وابدعت قادرة على استكمال المسار، وأن تفرض نفسها وبرنامجها على الميدان .

وسوم: العدد 782