الطيار الباكستاني سيف الله عزام : بطل في سماء العرب
كان مفاجأة سارة ، في زمن ندر فيه ما يسر العرب ، ما نشر منذ أيام في العديد من المواقع العربية عن طيار باكستاني قاتل في حرب 1967 في الجبهة الأردنية _ العراقية ، وأسقط 4 طائرات إسرائيلية في 72 ساعة . والغريب أن ثمة خلافا يتعلق باسمه العائلي : هل هو عزام أم أعظم ؟! وهذا لا يليق بمثل هذا البطل الكبير ، فما أيسر تأكد من نشروا قصة بطولته من صحة اسم عائلته ؛ فهو يقيم الآن في بنغلاديش التي يحمل هوية مواطنتها بعد انقسام باكستان إلى دولتين في 1971 . وفي التفصيل الموجز لما قام به سيف الله في حرب 1967 أنه كان يعمل مستشارا في سلاح الجو الملكي الأردني ، وعقب الموجة الأولى من الهجوم الجوي الإسرائيلي على المطارات الأردنية ، وأهمها مطار المفرق ، اندفع سيف الله مع الطيارين الأردنيين للتصدي للموجة الثانية من الهجوم الإسرائيلي ، فأسقط بطائرة الهوكر هنتر التي كان يقودها طائرة إسرائيلية في الأراضي الأردنية ، وأصاب ثانية سقطت في فلسطين المحتلة . وبعد مهاجمة الطيران الإسرائيلي لقاعدة إتش ثري العراقية اتجه سيف الله مع عدد من الطيارين الأردنيين إلى سماء العراق ، وأسقط طائرتين إسرائيليتين . وجليٌ أن نوعية عمل سيف الله الاستشارية لم تكن تلزمه بالقتال الجوي ضد أي عدو قد يهاجم الأراضي الأردنية إلا أن حميته الإسلامية ، وصدق حبه للبلد الذي يعمل فيه دفعاه إلى المشاركة في التصدي للطائرات الإسرائيلية المغيرة ، ومنح لبطولته الفريدة وسام الشجاعة الأردني ووسام الشجاعة العراقي .المحزن حقا ، ونقولها من القلب ، أننا لم نسمع بقصة هذا البطل إلا منذ أيام ، ولا نعلم مناسبة أو علة الكشف عنها الآن ، والأسوأ لا ندري علة كتمانها كل هذه السنين . قصص الأبطال يجب أن تظل دائما حاضرة للاستلهام والاستقواء وضخ الثقة في النفس بالقدرة على إنجاز جلائل الأعمال الفردية والوطنية . وقصة بطولة سيف الله قصة حقيقية وليست متخيلة ، وما أفقرنا لقيم ومؤثرات بطولته في زمن الانهيار العربي الذاتي الصنع ، بل زمن الخيانات العربية المجاهرة ، ومن مفارقات هذه الخيانات مقارنةً ببطولة سيف الله ما كشفه الباحث الإسرائيلي إيدي كوهين في جدله مع ضاحي خلفان نائب مدير شرطة الإمارات حين تحداه بأن ينفي مشاركة طيار إماراتي يتدرب في إسرائيل ؛ في قصف غزة منذ ثلاثة أسابيع . ماذا بقي من المنكرات البشعة لتقترفها هذه الدويلة المارقة التي تشارك منذ ثلاث سنوات ونصف في العدوان الإجرامي على اليمن بالمرتزقة ؟! ونعيد إلى الأذهان أن الأجهزة الأمنية في غزة قبضت في عدوان 2014 على عدد من أفراد مخابرات تلك الدولة ، قدموا للتجسس على المقاومة لصالح إسرائيل متسترين بين وفد المساعدات التي تتظاهر نفاقا وتضليلا بأنها تقدمها إلى غزة . بطولة سيف الله حرية بأن تكثف عليها الأضواء تكريما له ، واستلهاما لها ، واستقواء بها ، وضخا للثقة في النفس مثلما أسلفنا . وصور كثيرة يمكن تكريمه بها : كأن تسمى شوارع أو مؤسسات باسمه في الأردن والعراق وفلسطين ، وأن تدرس بطولته في مدارس هذه البلدان وسواها من البلدان العربية والإسلامية . سيف الله بطل إسلامي كبير ، واللافت أن الجيش الأميركي كرمه في 2000 ، فجعل اسمه في " قائمة النسور الأحياء " التي تضم أفضل 22 طيارا حيا في ذلك العام على نطاق العالم ، وخلفية التكريم الأميركي له أنه تدرب في قاعدة جوية بولاية أريزونا ، وكان من المتدربين المتميزين ، فوق ما بدا من بطولته في الحروب التي قاتل فيها بعد ذلك . نتذكر أن شارون ، وهذه قناعة إسرائيل الفعلية ، كان يرى أن حدود الأمن الإسرائيلي تمتد حتى باكستان ، ونتذكر أن أميركا هددت باكستان بإعادتها إلى ما قبل التاريخ إن لم تهيء المجال اللوجستي للغزو الأميركي لأفغانستان بعد تدمير برجي نيويورك في 11 سبتمبر 2001 . وقبل أيام قال ميخائيل موريل النائب الأسبق لمدير المخابرات المركزية إن باكستان أخطر دولة في العالم لكونها ببساطة " دولة مسلمة " تعداد سكانها 200 مليون ، وجيشها خامس أكبر جيش في العالم ، وهي خامس دولة من حيث عدد الرؤوس النووية ، ومعروف أن باكستان ما كانت لتصبح دولة نووية إلا بموافقة أميركا لخلق توازن نووي مع الهند قد تفيد منه في مناكفة الهند عند الضرورة . الغرب وإسرائيل لا يقبلان بأي قوة عربية أو إسلامية حقيقية فعالة ، ولننظر ما يفعلانه بإيران ، وما يضمرانه لتركيا ، ويكشف عن بعضه الخلاف الأميركي _ التركي الحالي الذي بدأ عمليا في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في يوليو 2017 . ما قام به سيف الله يبين أن العالم الإسلامي جبهة واحدة ، وأن أعداءنا جبهة واحدة .
وسوم: العدد 785