السياسة أمّ الحرائق ، والمعصومُ من نارها ، مَن عصَمه الله !

السياسة أمّ الحرائق :مَن لم تحرقه في الدنيا ، أحرقته في الآخرة ، ومَن عصَمته أخلاقُه، أحرقته أخلاقُ مقرّبيه .. ومَن نجا من نارها ، حيّاً، فقد تُحرقه ميتاً!

السياسة عمل ، يتعلق بالشأن العامّ ، وهو يهمّ الناس ، جميعاً ، والناس مشارب وأهواء ، ومَدارك وأخلاق ! ولايمكن ، لأيّ سياسي ، إرضاؤهم ، جيمعاً ، مهما كان متمرّساً ، في العمل السياسي،  بارعا فيه !

وبناء عليه ؛ لابد ، من أن ينال السياسي نصيبه ، من نقد الناس ، أو لومهم ، أو شتمهم .. مهما قدّم لهم ، من نفسه وماله ، ووقته وجهده !

فهو، إن أرضى قوماً ، فسُرّوا منه ، أغضب آخرين ، فسخطوا عليه .. وإن حقق مصالح أكثر الناس ، ظلّت  فئة تشعر بالغبن ؛ لأنها تشعر، أنها لم تنل ، مايناله غيرها !

وهو، إن حرص ، على نقاء سمعته ، بسلوك سام نبيل ، لم يستطع ، أن يمنع ذويه ، ومقرّبيه ، من استغلال منصبه ، للإثراء ، أو التسيّد على الناس !

وإذا كانت الحكمة تقول : إرضاء الناس ، غاية لاتدرك ..

شهدنا مرحلة سياسية ، في سورية ، احترق كلّ مَن شارك فيها ، في أيّ موقع مرموق : من مستوى وزير، فصاعداً !

الوحيد ، الذي شارك فيها ، بقوّة ، واستلم مناصب وزارية عدّة ، في وقت واحد ، هو الأديب المعروف ، الدكتور: عبد السلام العجيلي ، الذي خرج من المرحلة ، كلّها، بعد أن خرجت منها سورية ، إلى مرحلة جديدة ، دون أن يمسّ سمعته أحدٌ ، بأذى !

وكان ثمّة أسباب ثلاثة ، وراء عدم احتراقه ، بنار السياسة !

السبب الأوّل : أنه كان زاهداً ، في المناصب السياسية ، واستلمها مضطرّاً ، بعد إلحاح الآخرين عليه ، لإنقاذ البلاد ، ممّا كانت تعاني منه ، من اضطرابات ، في تلك المرحلة !

السبب الثاني : هوأنه كان يرى نفسه ، أكبر من أيّ منصب : سياسي ، أو إداري ! وهو محقّ ، في ذلك ؛ فهو طبيب مشهور، مرموق ، في محافظة الرقة : مدينة وريفاً ؛ فلايحتاج مالاً.. وهوأديب بارع مميّز، على مستوى سورية ، وعلى مستوى العالم العربي ؛ فلا يحتاج شهرة !   

السبب الثالث : هو صفاته الشخصية النبيلة ، من : نزاهة وعفة ولباقة ، ونظافة يد وسلوك .. ومالديه ، من حكمة وكياسة ، في إدراك الظروف ، المعقدة الصعبة ، والتعامل معها ، ومع شركائه، في التصدّي ، لحمل أعبائها وتبعاتها !

كما أنّ مالديه ، من وعي وحزم ، حرَم المقرّبين منه ، من استغلال وضعه المرموق ، للإثراء، على حساب سمعته ، أو التطاول على الناس ، بسيف منصبه ! وذلك ؛ بخلاف ماجرت عليه العادة ، في سورية ، وفي غيرها ! فقد كرّم نفسه ، وفرض تكريمها ، على ذويه ومقرّبيه ، والأخرين !

ولله درّ القائل :  ومَن لايكرّمْ نفسَه لا يُكرّم !

وسوم: العدد 785