تدبرات قرآنية
1-
من يتدبر قول الله عز وجل :" من اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا "
يبصر طريقين ، أحدهما محفوف بالملائكة و مفروش بالورود و معطر بالرياحين و مكلل بالندي تسدل عليه الشمس ستائر النور فلا زيف فيه ولا ضلال ولا حزن فيه ولا شقاء.
والآخر محفوف بالنيران و ملئ بالحفر و مفترش بالأشواك و ملطخ بالدماء تملؤه جماجم الموتي ويسري فيه فحيح الموت وليس فيه غير ضنك المعيشة وشقائها ونكد الحياة ولأوائها.
من يختر الطريق الأول ليسير فيه عليه أن يجرد نفسَهُ من هواهاَ ويجاهدهَا حق جهادٍ مخلصا لله الذي بَرَاها ليخلصها من العيوب ويطهرها من الذنوبِ التي تبعدها عن كتاب اللهِ وتورث الرانَ القلوب.
إن طريق الهدي والسعادة هو كتاب الله من اتبعه وسار علي طريقه المشرق الوَضِئ لا يضل عن الله ولا يشقي في الحياتين الدنيا والآخرة ، ومن ولاّه ظهْرَهُ أورثه الله قهرَهُ وذاق مر الحياة وشقائها وما له عليها معين .
اذرف أُخَيّ الدمع الحرون علي ما ضيعت من السنين بعيدا عن كتاب الله وابدأ حياة جديدة مع كلماته المضيئة وحروفه الوضيئة وارفع راية الايمان خفاقة علي ارض اليقينْ واجعلْ لنفسك وردا يوميا من كتاب الله يكن لك خير ورد يرويك من الظما ونبراسا منيرا يضئ لك الطريق ويزيح عنك العمي.
"كتاب انزلناه اليك مبارك ليتدبروا آياته وليذكر أولوا الألباب"
2-
من يتدبر قوله عز وجل :" قلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا .."
يصدعْ بالضوءِ ويصدح بالأراجيزِ بِشْرا وفرحا بهذا البيان العظيم من النبي الجليل إلي العبيد ، إن الملل ليسود حياة الانسان حين يغفل عن الله ويغرق في عباب الذنوب الزاخر وتصير حياته كامرأة عاقر لا تنجب له بريق أمل جديد ، وها هي السماءُ تبسط لكَ يدَ الرحمة والغفران وتمنحك الفرصة أن تجدد حياتك وتمنحها لونا جديدا وشكلا غير معهود ، واعلم ان الشجرة الخضراء التي تلوّح للشمس المشرقة في عرس الصباح كانت في البدء بذرة مطمورة في الطين والظلام فاحترقْ ندما علي ذنوبك ولا تتغافل عنها حتي تشرق كالشمس علي حقل الورود ، وودع ذنوبك اليوم قبل الغد واستعن بالله يعنك علي تركها واخلص له يمنحك الأمل المديد ، "ألا تحبون أن يغفر الله لكم "
3-
من يتدبر قول الله عز وجل :"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي اذا دعان "
تشرق في قلبه شمس المحبة فتخضر حقول الإيمان و يعبق ورد الأنس وتهب نسائم الشوق فترف فراشات الأمل وترشف رحيق الدعاء.
هذه الآية تزحزح حجر قسوة القلب لينهار بناء الغفلة و الضلال وتبني باليقين والمحبة والأنس بناء الإيمان والهدي وترشد العباد إلي سبيل النجاة والهداية في الحياة وهو الدعاء وخاصة عندما يسبقه الثناء علي الله والصلاة علي نبيه يقول الرسول الهادي صلي الله عليه وسلم :" الدعاء هو العبادة " ، وتهيأ بأنداء البشري وأنوار القرب عرس الصباح للمقبلين علي الحياة من جديد طامعين في كرم الله وجوده ورضاه وتعيد النبض الي القلوب الميتة لتدب فيها الدماء وتسري معها نسمات الإيمان ليتنفس ريحان الدعاء.
هذه الآية نور من رب العالمين ورحمة مهداة إلي عباده أجمعين ،وشجرة خضراء يستريح بظلها كل المتعبين تؤتي ثمار الهدي واليقين ،وقمر يطل من أعلي السموات علي ليل النساك الطائعين والعصاة الضائعين يجدد لهم نور الرجاء والعمل الصالح في كل آن وحين.
هذه الآية عبق تنشره أكف الورود وشفق تنسجه أصابع الشمس ونغم يتقطر من فم العصافير في بساتين الأمل وماء يروي ظمأ الحائرين في الحياة ونسيم عليل تتلقفه رئات الباحثين عن النجاة.
" فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي ولعلهم يرشدون"
وسوم: العدد 786