اختلطت في الشام، دماء كثيرة.. ولله ، في ذلك ، حكمة، ومنه تُطلب الرحمة!
يا أهل الشام : اختلطت ، في الشام ، دماء كثيرة : الروسي والأمريكي ، والإيراني والتركي ، والباكستاني والأفغاني والشيشاني ، والعراقي واللبناني! فاطلبوا ، من ربّكم ، الرحمة ، واعلموا ، أنّ ، وراء ذلك ، حكمة ، إن غابت عنكم ، وعن الناس ، اليوم ، فستظهر،غدا !
وليست الدماء ، وحدَها ، التي اختلطت ؛ بل اختلطت ، معها ، الأفكار، والأخلاق ، والمبادئ ، والأهداف ..!
فالشام في عزاء دائم ، عزاء في كلّ ماذُكِر! يعزّى الناس بموتاهم ، فبمَن يعزّى أهل سورية ، أوّلا : بمَن يموت ويُفضي إلى ربّه ، أم بمَن يموت ضميرُه ، أو خلقه ، أو عقله .. ويبقى جسدُه حيّاً !؟
أمّا الاحتلالات ، التي دمّرت ، في الشام ، مادمرت ، من : مبانٍ ، وأجساد ، وضمائر، وأخلاق ، وعقول.. وأيقظت ، ما أيقظت ، من قلوب نائمة ، أوميته .. ومن إحساسات متبلدة ، أو صدئة .. فلا بد أن تفعل مافعلت..! ولو كانت أقلّ ، ممّا هي عليه ، لفعلت مافعلت ! لكنها أثارت ، في أذهان السوريين ، أسئلة كثيرة ، أهمّها :
أيّ الاحتلالات أخطر،على دولة ما- وسورية مثال صارخ- : احتلالُ دولة واحدة ، بلا منازع .. أم احتلال دول عدّة ، تتنازع ، على السيادة والمغانم ؟ وأيّها مقاومتُه أسهل ؟
يا أهل الشام : مَن قال : انتهت ثورة الشام ، فهو المنتهي ؛ إمّا لأنه مقتنع بقوله ، دون تبصّر، أو لأنه مكلّف بقوله ! ثورة الشام تنتهي ، يوم تنتهي االاحتلالات ، كلّها ، فيه !
فاسألوا الله ، من رحمته ، التي تخصّكم، ولا تدخلوا في حكمته، التي لاتخصّكم ؛ فموسى النبيّ، لم يستطع الصبر، على بعض الحِكَم ، حتى سمع تأويلها ، من الرجل الصالح !
فمن طلب حاجاته ، لاسيّما ، في الضنك ، الذي هو فيه .. فليطلبها ، من الله ، وليُكثر؛ فسائلُ الله ، لايخشى من ربّه بُخلاً ، ولا فقراً ، ولا غفلة عن الدعاء ، ولا سهواً !
وإذا كان الكثيرون ، من أهل الشام ، قد شغلتهم مصائبُهم ، بأنفسهم ، ومصالحهم الدنيوية .. فلا بدّ ، من أن يتذكّر هؤلاء ، أن مصالحهم الأخروية ، جديرة بالاهتمام ؛ بل هي شديدة الأهمّية ؛ لاسيّما ، في ظروفهم الصعبة ، المحيطة بهم !
ويكفي نموذج واحد ، للتدليل ، على ذلك : رجلٌ من العقلاء ، فقد ناساً من أهله ، والكثير من ماله .. كان يُكثر، من ترديد كلمة (مصلحة) ! وسئل : أيّة مصلحة تقصد ، مصلحة الدنيا ، أم مصلحة الآخرة ؟ ففوجئ بالسؤال ، وبُهت؛ فهو ناسٍ مصلحة الآخرة !
وفي غمرة الدوّامة الرهيبة ؛ دوّامة الدم والنار والدمار، لا بدّ ، من التبصّر، والتأنّي ، والحذر.. في مسائل عدّة، ومنها :
السباق ، إلى طرح الأفكار العاجلة ، غير الناضجة .. لمعالجة واقع الثورة السورية ، وواقع الشعب السوري:
إذا أطلق صيّادٌ هاوٍ، النارَ، على طريدة ، ولم يُصيها ، فهربت..أضاع الفرصة ،على المحترف! وكذا الأفكار الإصلاحية : النظرية ، والعملية !
في التفاوض ، مع منظمة التحرير الفلسطينية ، قال زعيم صهيوني : نحن نتفاوض مع أنفسنا ! فمع أيّة معارضة سورية ، يتفاوض الروس: الذابحون الضامنون؟ وما الذي يرجوه المفاوضون، باسم سورية ، وشعبها ، وثورتها ! وهل يختلف شأنهم ، عن شأن الفأر، الذي جاع ، ولم يجد مايأكله ، سوى المبرد، فبدأ يلعقه ، حتى جُرح لسانُه، فاستعذب دمَه ، وظلّ يلعق، ودمُه يسيل، حتى مات ! فأين دعاة المصالحات منه؟
أمّا مَن يُكثر، من لوم الآخرين ، ومن قول (لو) ، فحسبّه أن يُذكّر، بما يَعرف ، لاتقل : لو حصل كذا ، لكان كذا وكذا ! قلْ : قدّر الله ، وما شاء فعل ! ثمّ قلْ : الفرصةُ متاحة ، الآن ، لتحقيق الهدف كذا ، ويجب أن نفعل كذا، في الزمان كذا ، والمكان كذا !
يا أهل الشام : أسقطتم الأسد وعصابته ، ودفعتم ، ودَفعوا، أثماناً باهظة ! ومَن يحكمكم ، اليوم ، هو الاحتلالات الأجنبية ، فاستعينوا بالله ، عليها ، واصبروا ؛ فأعداؤكم يألمون ، كما تألمون ، لكنهم لايرجون ، من الله ، ماترجون ! وإنّها لإحدى الحسنيين ..!
وسبحان القائل :
وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (
وسوم: العدد 786