الرزيّة الواحدة ، تنفع أناساً ، وتضرّ آخرين !

قال أحد الشعراء :

لَعمرُكَ ما الرزيّة فقدُ مالٍ = ولا شاة تموتُ،ولا بَعيرُ

ولكنّ الرزيّة فقدُ حُرّ= يَموت ، بموته ، خَلقٌ كَثيرُ

معلومٌ ، أنّ الرزيّة الواحدة ، قد تدمّر أسرة ( يُتم – ترمّل - خراب بيت) .. أو تُضعضع قبيلة، أو شعباً ، أحياناً ، إذا كانت الرزيّة كبيرة جدّاً !

ولكن ، كيف يُفهَم قولُ المتنبّي :

من واقع الحياة البشرية ، يَرى العاقل ، أنّ المصيبة الواحدة ، قد تضرّ أناساً ، قريبين ، وبعيدين ، من : أهل ، وجيران ، وأصدقاء ، وأعداء ! وتنفع غيرهم ، ممّن حولَهم ، من أصدقاء وأعداء ، ومن قريبين وبعيدين !

والمثل الحيّ البارز ، اليوم ، الذين لايكاد الحديث عنه ينقطع ، في الكثير، من وسائل الإعلام، العربية والعالمية .. هو : قتل الصحفي السعودي ، جمال خاشقجي !

قتلته مجموعة من الموظفين ، في الدولة السعودية ، لإخماد صوته ، وكسر قلمه ، الذي يشير به ، إلى بعض الأخطاء ، في قرارات الدولة ، من قبل بعض مسؤوليها !

لكن : هل اختفى صوته !؟

صحيحٌ ، أن أسرته نُكبت بقتله ، وأن أبناءه وزوجته ، أحسّوا بعظَم المصيبة ، وأن الكثيرين، من قرّاء مقالاته ، خسروا قلمه ، المتّزن الواعي المخلص ..!

لكن ، هل المجموعة التي قتلته ، حصلت ، على النفع الذي ترجوه ، من قتله !؟

الجواب الواضح الصارخ ، هو في سيل الإعلام الجارف، الذي يحاصر دولته، بكلّ مَن فيها، حتى بكاد القتلة ، يحسّون بالاختناق ، سواء منهم : الظاهرون المعلَنون المنفّذون ، والآمِرون بالقتل !

أعداءُ القادة المسؤولين ، في الدولة ، فرحون شامتون ، وينتظرون المصير القاسي ، المتوقّع، لهؤلاء القتلة !

أهل الضحايا والمظلومين ، قبل مأساة الخاشقجي ، ينتظرون الخلاص ، من الظلم ، أو الانتقام من الظالمين !

وأصدقاء القتلة ، والمستفيدون من صداقتهم ، مالياً وسياسياً ، في حرج شديد : سياسياً وإعلامياً ؛ لأن الجريمة تحوّلت ، إلى قضيّة رأي عامّ دولي ، على مستوى العالم ، كلّه !

والمظلومون ، من قِبل حكّامهم ، في أنحاء العالم ، يأملون ، بأن تَفتح لهم هذه المأساة ، نافذة خلاص ، في بلدانهم ، كلّ في موقعه ؛ في زنزاته ن أو منفاه !

  فهل هذه المأساة القاسية ، صارت نافذة ، للخير، وينطبق عليها ، مضمون الآية الكريمة : (.. وعسى أن تَكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبّوا شيئاً وهوشرّ لكم والله يَعلمُ وأنتم لاتعلمون ) ؟

ربّما !

وسوم: العدد 795