الصَحْوةُ مِنْ أيْن ..؟ وَإلى أيْن ..؟
الصحوة الإسلاميَّة : مصطلح نحته بعض من يسمون أنفسهم (الإسلاميون) لِيُميَّزوا به أنفسهم عن عموم المسلمين ..وذلك لِزعمهم واعتقادهم أنهم الأكثر إحاطة بحقيقة الإسلام .. والأشمل فهماً لقيمه ومقاصد رسالته الربَّانيَّة السمحة.. بل والأدق أداءً تطبيقاً وتنفيذاً لأحكامه وتعاليمه ..وأنهم الأعلى أمانة في الحفاظ على سلامة بيضته وقدسية حرمته .. ويرتكزون في ذلك كله على اعتقادهم أن خيريّة الأمة المسلمة توقفت وغابت مع نهاية العهود الراشدة (العهد النبوي وعهود أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وأرضاهم) ولاعتقادهم أن دولة الإسلام اليوم غائبة لا وجود لها في الأرض؟! ولاعتقادهم: أن غياب ما يسمونه (الخلافة العثمانية) كان آخر وجود للدولة الإسلاميَّة..! وهذا مما يتناقضون به مع أصل طرحهم لمقولة (غياب دولة الإسلام مع انتهاء العهود الراشدة). وبهذا الطرح فتحوا باباً لفتنة هوجاء وصراع محموم بين تيار عموم الأمة الذي يسمونه - ظلماً وعدواناً - (تيار الغفلة بل وتيار الجاهلية) وبين تيار ما يسمونه (تيار الصحوة الإسلامية) الذي يمثلونه ويقودون فعاليات تحقيق أهدافه وغاياته وهو - بزعمهم - إحياء إقامة دولة الإسلام الراشدة الغائبة.. وذلك على غِرار مقولة الامام الغائب التي تدّعيها فئة أخرى تعاني مثلهم من لوثة الهوس بأنَّ إمامهم المُدّعى الغائب هم الأمل لعودة الإسلام الصحيح ؟!!!) وبعد فإنني أحسب أنَّ ما تعاني منه الأمة العربيَّة والإسلاميَّة اليوم من أزمات فكريَّة وصراعات وجرائم انهكتها ودمرت دولها ومجتمعاتها ..إنما يأتي نتيجة لهوس طروحات ما يسمى (جيل الصحوة) الذي بحقيقته هو (جيل الغفوة والجفوة) وهذا ما أدخل أجيال الأمة العربيَّة والإسلاميَّة في حالة من الغُربة والجفوة مع التاريخ الحضَاريِّ الوضاء لمسيرتها .. وفي حالة من الخصومة بل والعداء المجنون بين الأجيال ودولهم ومجتمعاتهم ..وما الواقع المؤلم المدمر الذي تمر به الأمة اليوم إلا ثمرة مرة لهوس طروحاتهم المزعوم ..وبعد فإن من واجب كل الفعاليات الفكريَّة والثقافيَّة أن تتصدى لتصحيح هذه الظاهرة المتشنجة المأزومة الغريبة كل الغربة عن منهجية الإسلام الراشدة .. التي من شأنها مواجهة كل أسباب التخلف والضعف التي تمر بها الأمم .. وأمتنا ليست استثناء من سنن الأداء البشري .. وواقعنا التَاريخيِّ عِبرَ الزمان وتبدل الأحوال يشهد بذلك ويؤكده .. فالأمة مرة بأحوال من الضعف والقوة .. والتقدم والتقهقر شأننا شأن كل الأمم .. إلا أننا أمة لا تزول ولا تندثر- بعون الله تعالى- لأنها تحمل سر بقائها واستمرار وجودها وعطائها بصحة إيمانها واعتقادها وتمسكها بقيم دينها ومقاصد رسالته الربانيّة السامية السمحة الخالدة .. ومن النتائج المدمرة التي أفرزتها طروحات الهوس الفكري لأتباع ما يسمى(تيار الصحوة) انبهار أجيالنا بالحضارة الغربيَّة ومنجزاتها المادية .. والتعلق بطروحاتها الفكريَّة والسياسيَّة على ما فيها من اضطراب ودخن وألغام مدمرة لأمن واستقرار المسيرة البشرية ..وكذلك صرف اهتمام أجيالنا عن تأمل صروح المنجزات الحضاريَّة الرائعة لمسيرة أمتنا في ماضيها وحاضرها.. وبذلك تبرز مخاطر نهج هذا التيار المصنوع عن دراية أو عن غفلة إذا أحسنا الظن.. وعلى أساس من ذلك وجب ويجب مواجهة مزاعم هذا التيار واجتثاث توجهاته من ثقافة الأمة ورسالتها الربَّانيَّة الراشدة ..والله المستعان سبحانه.
وسوم: العدد 797