إلى جزيرة مور
طفحت بوائق المدينة، وعبيدها ترُكُّ الأغلالُ الصدئةُ أعناقَهم. وليتَ الأقنانَ إذْ رضوا الذلة جعلوا الوثاق كما جعله مور من ذهب. تُقيِّد عبيدَ توماس أغلالٌ من ذهب جزاء ما اقترفوا. وتَغُل عبيدَ المدينة أثقالُ الوَرَه. من ذا يَحظر الميسر ويُقرّ الشطرنج؟ ومن يمنع الزينة والتنجيم؟ وكيف يُقنَع الكسالى بترك المقاهي ومشارب الجعة. ومن يصدّ عن نوادي السمر وينزع أقفال الرُّتُج؟ من يحضّ على الرياضات العسكرية؟ كيف يهوى عبيدُ المدينة الفلاحةَ ويأخذون المِرقم حبا وطواعية؟ مَن مِنَ المتقين يحاجج الملحدين ليرجعوا عن غيّهم؟ ومن يُقنع النساء ألا ينزعن برقع الحياء؟ ومن يُنزل بمقترِفي الفاحشة أشد العذاب؟
لا حاجة لقانون، ما كانت الجزيرة تراه ملحَ البلد، فتجزع إذا هو فسد. تبا للدساتير! أمَا كان الناس يجدون في الأرض مُراغَما كثيرا وسعة؟ ومن لم يعِظه عقله فمن ذا يعِظه؟ تلك حرية الحكيم، ولقد قالوا أرسلْ حكيما ولا توصه! أليس بعقله يَعقل الأهواء؟ وعن قبسِ الحكمة وأنوار العقل تَصدر أفعاله، وتأبى حريته المتنوّرة الحظ والنصيب، وإنما هو السعي الدؤوب، وعنتٌ بين ارتقاء وسفول. فهنيئا لك أيها الحكيم، قد عرفت قوانين الوجود!
أعلمُ أن جزيرتك يا مور ما كانت جزيرةَ الفضلاء والقديسين. لكن مدينة العبيد نذيرُ شؤم. ولقد رأيت وقد أخذتني سِنةٌ أن أحد قراصنة الشمال وضع العلامة السوداء في كفي. فماذا أنتظر؟ أليس بعضُ الشر أهون من بعض؟ أمّا التي أنا ساكنها فإنها لَتنفث البلايا وإني لمُورَّكٌ فيها. وأيّ خير يُرتجى من أرض ليس فيها غير هُجَعة وغُفْل؟ فإن يقْضِ الله يقْظة إلى غدٍ فإني راحل إليك ومودِّع أرض الحمقى. فانتظرني قريبا!
وسوم: العدد 797