فِتْنَةُ المُصْطَلَحَاتِ .. وَ هَرْطَقَةُ الغُلاةِ – 26
( الفِتْنَةُ وَالهَرْطَقَةُ -3)
تَحدثتُ في الرسالة السابقة عن حالة نفرٍ من المسلمين ممن افتتنوا بالأمس بالاشتراكيَّةِ .. واليوم أتحدث عن حالة نفرٍ آخر من المسلمين ممن افتتنوا بِسْلعَةٍ أخرى مما عند الآخر ألا وهي (الدِيموقْرَاطيَّةُ) . والديموقراطيَّةُ تنتمي إلى مذهبٍ ونظامٍ اجتماعيٍّ استنبطه الغرب من الطقوس الدينيَّة الإغريقيَّة ألا وهي (الليبراليَّة). والليبراليَّةُ مصطلح مشتق من عبارة (لِيبر) وهي عند الإغريق تعني: (إلهُ الحُريَّةِ) ومن معانيها (إلهُ الجِنْس) ولعله من هنا جاءت فلسفة (الإباحيَّة الاجتماعيَّة) في الغرب.. والديمقراطيَّة تعتمد نظاماً في أدائها وتطبيق قيمها ومبادئها ألا وهو (البرلمانيَّةُ) والبرلمانُ كلمةٌ مشتقةٌ من عبارة (بَارْلِي) وتعني في الإغريقيَّةِ : (الحوارُ بين خَصمين أو مُتناقضين) ولعله من هنا جاءت فلسفة أو نزعة (المعارضة) في النظام الليبراليِّ الديموقراطيِّ.. ورفعوا باعتزاز شعارهم المشهور(لا ديمقراطيَّةٍ بدون معارضةٍ).وسار الغرب وفق هذه الفلسفة السياسيَّة وأتقنوا كما يُعبِّرون لعبتها ..ونجحوا في إدارة شؤون مجتمعاتهم على أساسٍ منها .. وَحَمِدَ لهم النَّاسُ نهجَهم وسيرَهم وعشقوا طريقتَهم وذاع صيتُ الديمقراطيَّة بين الأمم ..وكثُر عُشاقها والمفتونون ببريقها ومنهم نفر من بني جلدتنا .. ومن طبيعة العرب السخاءُ والجودُ فيما يحبون وفيما يكرهون.. فبالغوا بعشقها وأسرفوا إسرافاً شديداً حتى انزلقوا فيما لا يُحمد منهم ولا يُستحب ..ولكن هكذا هي طباعهم وأعرافهم تعبر عن حالهم فتقول: (الحبُ أعمى ) ويمعنون في التعبير عن حقيقة غلوهم في العشق والحب فيقولون: (ومن الحب ما قتل). ومن غلوهم أنْ قال بعضهم: (الإسلامُ ديمقراطيٌّ) وقال آخرون : (الشورى هي الديمقراطيَّة) وقلَّد بعضهم عبارة من سبقهم بالافتتان بالاشتراكيَّة فقال: (ديمقراطيَّةُ الإسلامِ) ومن قريب فاجأنا أحد طلبة العلم بجرأة غير مسبوقة فأطلق شطحة ومصطلحاً صادماً مؤذياً فقال : "النَبيُّ الديموقراطيُّ" وقرأت لأحدهم تعليقاً ساخراً يقول : "إنَّ مصطلح النبيِّ الديمقراطيِّ" يقتضي مصطلحاً موازياً "الإلهُ الليبراليِّ" تعالى الله وتنزَّهت أسماؤه وصفاتُه عما يفترون ويهرطقون علواً كبيراً .. وأصدر صاحب هذا المصطلح كتاباً تحت عنوان (النبيِّ الديمقراطيِّ) وأرسل لي نسخة مصورة منه.. وطلب أن أعطيه رأيي فيما كتب.. يتبع بعون الله تعالى.
وسوم: العدد 804