الغول من الخرافة إلى الحقيقة
في قديم الزمان كلما أقلق الصغار راحة الكبار و عكروا صفو سهرهم و ندامة سمرهم .. كانوا يجمعونهم ثم يحكون لهم حكاية عن الغول الذي يلاحق الصغار المتيقظين خارج فرشهم في الليل.. مما يضطر الصغار الى الركون على الفور إلى فرشهم و يحبسوا أنفاسهم مخافة أن يأتي الغول و يكتشف أنهم لا يزالون مستيقظين فينقض عليهم و يلتهمهم..فيما يتابع الكبار سهرهم و سمرهم بدون أي معكرات.
أما اليوم فإن الغول صنعوه بأيديهم و بات حقيقة واقعة، جسداً و روح.
فكلما أقلق شعب راحة حكومته استدعوا الغول لكي يعيد الشعوب الى فرش السكون و لحف الصمت.
فبالأمس القريب الحكومة الفرنسية و بطريقة تدعو للقرف و السخرية إستدعت الغول لكي يقتل أربعة مدنيين أبرياء لعل الشعب الثائر، يسكن و يعود إلى الإستسلام و التسليم بقضاء الحكومة و قدرها.
لم تكن بادرة إستدعاء الغول من قبل الحكومة الفرنسية هي الأول من نوعها و إنما الأمثلة على ذلك تكاد لا تعد و لا تحصى.
فالنظام العراقي له تاريخ طويل في اللعب مع الغول ، فكلما تحرك الشارع العراقي ليطالب بحقوقه المسلوبة استعدعوا الغول على عجل، فمرة يأتي الغول إليهم ليقتل و يرعب ، و مرة يجيشون بحملة لكي يذهبوا بأنفسهم لكي يحاربوا الغول و يقضون عليه.
هذا السيناريو المضحك المبكي بات روتينيا منذ عدة سنوات ، تنتهجه كل أنظمة العالم القمعية و ما تسمى الديمقراطية على حد سواء.
و في الأمس عندما يعلن الرئيس الأمريكي ترامب أنه سينسحب من سوريا بعد أن تم القضاء على الغول ، تقوم الدنيا و لا تقعد .
كيف تقول أنك قضيت على الغول ، أنت بذلك تقضي على كل أحلامنا ، و تهدد وجودنا، فمن الكونغرس الأمريكي إلى بريطانيا إلى فرنسا إلى روسيا، الجميع يؤكد أن الغول لا يزال حياً يرزق، و أن أمنهم القومي و وجودهم لا يزال مهدد بوجود الغول.
تصور أن الغول الذي يعيش في بادية الرقة و صحراء دير الزور و جبال تورا بورا الأفغانية يهدد الأمن القومي في أمريكا و في بريطانيا و في فرنسا، ما لهذه السخرية المضحكة المبكية ؟.
ألهذا الحد دولهم كرتونية؟!.
و هم يملكون ما يملكون من أسلحة مرعبة بتقنيات تكنلوحية شيطانية .
و الغول أقصى ما يمكن أن يملك بندقية "كلاشينكوف".
لكن المؤلم أن البعض رضي أن يلعب دور الغول ، و المؤلم أكثر أن الذي رضي ان يلعب دور الغول يرتدي ملابسي ، و يتحدث بلساني حتى بت غولاً في نظر الآخرين.
لكن ربما انتهى دور الغول اليوم كما قال الرئيس الأمريكي الصراع القادم صراع الفيلة
و الفيلة تخاف من الفأر لكنها لا تخاف من الغول.
وسوم: العدد 805