الصوابُ : هو الجوهرة ، التي تبحث عنها الألباب ، وهي بين الوحي والحكمة !

لو طالبَنا الله ، بالصواب ، ذاته ، في الاجتهاد البشري ؛ لأهلكنا ، ولكن كلّفَنا ، بتحرّي الصواب ! فمَن زعَم أنّ اجتهاده ، عينُ الصواب ، فقد جانبَ الصواب !

اجتهادات رسول الله ، فيما ليس فيه وحي ، لم تكن صواباً ، كلّها ، وقد عاتبه الله ، على بعضها :

(عبسَ وتولّى * أنْ جاءَه الأعمى) .

(ماكان لنبيّ أن يكون له أسرى حتّى يُثْخن في الأرض..) .

(عَفا الله عنك لمَ أذنتَ لهم..) .

تركوا النخل ، بلا تأبير، بناء على نصيحته ، صلّى الله عليه وسلّم ، فلم يُثمر ، فقال : أنتم أعلم بأمور دنياكم ! (الحكمة ، هنا ، الاعتماد على الخبرة والتجربة ؛ فلا وحي ، هنا ! ومِن الحكمة ، سؤالُ أهل الذِكر : فاسألوا أهلَ الذِكر إنْ كنتم لا تعلمون ) .

موسى النبيّ ، لم يَعلم الصواب ، الذي هوالحكمة ، من فعل الخضر، في: خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار.. حتى بيّنها له الخضر!

العقول تبحث ، أبداً ، عن الصواب والأصوب ، في شؤون الحياة ، كلّها ! ولكلّ حالة صوابُها وأصوَبُها ، ولكلّ عقل صوابُه وأصوَبُه !

في الطعام واللباس ، والمسكن والسفر.. وغيرها ؛ إذا استوى صوابان ، فأصوَبُهما للفقير، أقلّهما كلفة !

في المسائل الاجتماعية ، كالزواج والطلاق ، ونحوهما، أصوَبُ البدائل ، هو أكثرُها جدوى، وأقلّها خطراً وضرراً وكلفة ، للحاضر والمستقبل ! وحساباتُ الجدوى ، والخطر، والضرر، والكلفة .. خاضعة ، لعقول أصحاب الشأن ، في كلّ مسألة ، حسب ظروفها !

في حساب البدائل السياسية ، أصوَبُها هو: أكثرها إمكانية وجدوى ، وأقلّها خطراً وضرراً وكلفة ، في الحاضر والمستقبل ! والقيَم المعنوية ، تُحسَب ، في إطار الربح والخسارة !

العِلم المطلق ، هو لله ، وحده ! وقد يجتهد المرء ، في إعمال عقله وخبرته .. ثمّ يكتشف ، أن حسابه ، لم يكن صحيحاً ، أو لم يكن تامّاً ، أوكانت هناك عناصر، لم يعرفها ، ولم يُدخلها ، في حسابه !

وقد قال تعالى : (.. وعسى أن تكرَهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرّ لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون ) .

وقال تعالى : ( فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ).

وسوم: العدد 807