تَعْظِّمُ العَملِ الجَمْعيِّ
عظّمَ الإسْلامُ مِنْ أمرَ العمل الجمعي كما في قوله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى" وأكدَّ ذلك سيدنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: "يَدُ اللهِ مَع الجماعة". وأشادَ القُرآنُ الكريمُ بنموذجين من أمم خلق الله تعالى إجلالاً للعمل الجمعي.. وتعظيماً منه جلّ شأنه لدقة نهجهما وانتظام أدائهما ودأبهما في تحقيق مرادهما في الحياة.. ألا وهما أمةُ النَمْلِ في قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" وأمة النَحْلِ في قوله تعالى: "وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ". فأمةُ النَمْلِ تكدح لتجمع قوتها لتكفي نفسها من فاقة العوز.. ولتعيش كريمة عزيزة محصنَّة الإرادة من الارتهان لإرادة غيرها.. أما أمةُ النَحْلِ فهي أعظم شأن وأجل.. فهي تجمع قوتها لتكتفي وتحرر إرادتها.. ولتنتج ما يَنفعُها وينفع الآخرين لقوله تعالى: "يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ". فالقرآنُ عِبْرَ هذين المثلين يضعُ النَّاس أمام ثقافتين:(ثقافة الاكتفاء الاستهلاكيِّ وثقافة الاكتفاء الإنتاجيِّ) ليقول للأجيال: إنْ فاتَكم أنْ تكونوا على مستوى ثقافة الاكتفاء الإنتاجي ثقافة النحل..؟ فلا يصح بحال أن تكونوا دونَ مستوى ثقافة الاكتفاء الاستهلاكي ثقافة النمل..!
وسوم: العدد 809