إغلاق الحسابات
قد تكون بعض الانظمة العربية اغلقت حساباتها مع اسرائيل ودخلت في حالة عشق وهمي وعلاقة محرمة بانوف صاغرة وكرامة مهدورة و شرف منتهك فلم يحافظ العرب مع هذه العلاقة على كرامتهم وشرفهم وكبريائهم وارضهم بلا تقسيم لا بل ان ثرواتهم ونفطهم وذهبهم وكل ما يملكوا باتت في خدمة المشاريع المشبوهة لتصفية القضية الفلسطينية , قد تكون بعض الانظمة العربية الاخري اغلقت الحسابات رسيما باتفاقيات سلام مضي عيلها اكثر من اربعون عاما دون ان تحقق هذه الاتفاقيات اي استعادة لحقوق الفلسطينين او تعينهم على حق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية او حتي حماية المقدسات من دنس الاحتلال اليومي الذي بات ينذر بتقسيم مكاني حقيقي للمسجد الاقصي دون ادني اعتراض اسلامي وعربي . هذا امر عادي لكن الغير عادي اليوم ان يهرول البعض لاغلاق الحسابات مع اسرائيل ان بالمجان ودون ان يدخل في اتفاقيات سلام علنية وعلي واقع مشهد امريكي منحاز تماما لاسرائيلي يعترف رسمي بالقدس عاصمة لاسرائيل ويعلن ان الجولان خالصة لاسرائيل .
الاسبوع الماضي عندما نفذ فدائي فلسطيني عملية بطولية في "مستوطنة ارئيل" المقامة على ارض الضفة المحتلة وقتل اثنين من الجنود الاسرائيلين واصاب اخر ومضي يطلق النار على من تراه عينه من مغتضبين " عمر ابو ليلي " كشف لمن يهرولوا الى اغلاق الحساب مع اسرائيل مدي ضعف جيش اسرائيل وجبنهم وعدم قدرتهم على المواجهة الحقيقية . اختفي هذا البطل واخذت اسرائيل تبحث في كل مكان حتي استطاعت بعد 60 ساعة ان تصل الى مكانه وتستخدم كل ما لديها من رصاص وصواريخ ليرتقي شهيداً , حينها خرج نتنياهو ليقول ان اسرئيل قد اغلقت الحساب مع منفذ عملية ارئيل "عمر ابو ليلي" ولعل هذا التصريح اثار شهيتي لكتابة هذا التحليل الذي ياتي بالدليل ان اسرائيل بجيشها وعدته وتفوقه الحربي ليس لديها القدرة على اغلاق الحساب مع الفلسطينين فرادي او جماعات طرف او اطراف ولو وسطت كل المال العربي لشراء الذمم واستمرت باللعب على وتر الاغراءات المادية والمعنوية . كانت اسرائيل قد اعلنت قبل هذا انها اغلقت الحسابات مع بعض الفدائيين الكنهم فتحوا الطريق امام "عمر ابو ليلي" الذي واجه المحتلين بذات الاسلوب واوقع خسائر بين صفوفة الجيش والمستوطنين , الشهيد "اشرف نعالوة" منفذ عملية "بركان" الفدائية الذي اختفي واربك كل حسابات اسرائيل , والشهيد "صالح البرغوثي" منفذ علمية عوفرا الذي قتل جنديين واصاب ثالثا , ولا ننسي الاسير البطل عاصم البرغوثي الذي شارك اخاه عاصم العديد من العمليات الناجهة بنفس الاسلوب الذي دأب علية الفدائيين الفلسطينين بعد تطور العمل الفدائي من الدهس الى السكاكين ومن ثم العمليات المذدوجة دهس واطلاق نار اوطعن وخطف سلاح واطلاق نار .
عادة ما تعلن اسرائيل انها اغلقت الحسابات مع الفدائين بعد كل عملية فدائية دون ان تدرك ان اغلاق الحساب لن ينتهي مع الشعب الفلسطيني باغلاق الحساب مع الفدائين منفذي العمليات الفدائية فكلما اغتالت فدائي خرج اخر وخطط بقدرات فائقة الدقة تعكس عقلية الانتماء الوطني والعمل المناهض للاحتلال وجرائمة التى لم تتوقف منذ سبعة عقود واكثر , الملاحظ ان معظم العمليات الفدائية الناجحة اليوم باتت تتم على اساس الاستيلاء على سلاح الجنود الاسرائيلين واطلاق النار على اي جنود او مستوطنين لايقاع اكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية . لعل معظم الدلائل باتت تشير بقوة الى ان هذا المسلسل لن يتوقف بل اصبح يتجه الى تصاعد ولن تستطيع اسرائيل مواجهته بسهولة على الارض لان مسببات العمل الفدائي باقية ولم تسحبها اسرائيل فلا اعتقد ان يقبل احد من الفلسطينين ان يستمر اقتحام المسجد الاقصي وتدنيس باحاته يوميا وحرمان الفلسطينيين من الوصول اليه بحرية ويصمت , ولا اعتقد ان يقبل احد من الفلسطينيين ان يري تدشين مئات الوحدات السكنية في مستوطنات الضفة الغربية ويصمت ولا يقبل احد باستمرار اغلاق المدن الفلسطينينة بالحواجز المذلة ويصمت وبالطبع لا يقبل الفلسطينيون الاقتحامات الليلية واغتقال العشرات يوميا بلا سبب ويصمت .
اغلاق الحسابات ليس بيد اسرائيل وانما هي بيد الفلسطينين وحدهم وغير مطروح ان يغلق الفلسطينين الحسابات مع الاحتلال ولا اعتقد ان تتقدم اي اطراف فلسطينينة مهما كانت سطوتها او سلطتها ومهما حاولوا اغرائها بالمال والكيانات الزائفة البديلة على اغلاق الحساب , ولا اعتقد ان اي من الفلسطينين يقبل بان ينوب احد عنهم ليغلق حسابات باسمهم او ينهي الصراع نيابة عنهم وان قبل بعض الحكام بالخطة الامريكية واغلقوا حساباتهم مع اسرائيل فهذا شأنهم لان اغلاق الحساب واقع فعليا منذ عقود وما التطبيع والانحدار في البيع المجاني ليس سوي طلبا لرضي امريكا لتتستمر في ارسال المعدات والجند لحماية تلك الانظمة . لا الاعدامات خارج القانون والاعتقال ولا هدم البيوت ولا النفي والابعاد يمكن ان يجبر الفلسطينين على اغلاق الحسابات الشهداء يفتحوا الحساب بدمهم من جديد مع اسرائيل وياتوا بشهداء جدد وحب الارض لن ينتهي والتصدي للمحتل باق طالما بقي المحتل فلا اعتقد ان يقبل الشهداء والاحياء على السواء ان يغلق الحساب مع اسرائيل ضمن اي خطة يبقي معها الاحتلال في ارضنا فالحسابات مفتوحة وبنادق المقاتلين مشرعه تعرف طريقها الحقيقي طالما بقي المحتل جاثم على ارضنا وبقيت اشكالة وموبقاته العنصرية.
وسوم: العدد 817