تعليم العربية للمبتدئين
قبل عقدين أو أكثر قليلا، دعوت بعض أصدقائي في بيتي لأدرسهم قواعد النحو، أذكر منهم المرحوم سيد ناظم الهاشمي، وسيد راضي أبو فردوس، وهاشم أبو نديم ...
كان الصف يقام أيام الجمعة من كل أسبوع، وقد تقدم الأصدقاء إلى مرحلة كتابة الإنشاء آنذاك.
ثم في عام 2015 شكلت صفا لتدريس اللغة العربية اشترك فيه الأصدقاء المقربون وأخذنا شوطا لا بأس به في التدريس، وكانت تنقصنا سبورة بيضاء فاشتريتها.
وفي عام 2016 أعدت الكرة وشكلت صفا في بيتي أيضا، ودعوت بعضا من محبي هذه اللغة الحبيبة للانضمام فيه. كان بعض المنضمين إلى الصف أصدقائي، والبعض الآخر أعرفهم معرفة الوجوه دون معرفة أسمائهم، وهناك من حضروا وكنت ألتقي بهم لأول مرة.
وقد تضمن الصف التدريس والإملاء حضوريا، وكتابة الإنشاء والدردشة بالفصحى مجازيا.
وانتهت فترتنا التعليمية للمرحلة الأولى بإجراء امتحان مما تعلمه الأصدقاء.
وعندما أردت أن أشرع بالمرحلة الثانية، طلب البعض ومنهم الشاعر سيد سعيد الشريفي أن ننقل الصف إلى قاعة عامة هي قاعة الفانوس.
قال إن بعض الفتيات يرغبن بالانضمام إلى الصف، لكنهن لا يستطعن أن يحضرن في البيت، خاصة وأن الصف كان يقام ليلا.
واستمر صفنا والذي بدأ بأكثر من ثلاثين طالبا وطالبة شوطا حتى وصل فيه المشتركون إلى كتابة الإنشاء.
وقد استعنتُ بمجموعات التواصل لتصحيح الإنشاء والدردشة بالفصحى طبعا.
وفي أواخر عام 2017 دعاني بعض المشاركين في صفنا الذي كان يقام في المحمرة لأقيم لهم صفا في عبادان، ولبّيتُ الدعوة طبعا.
وتشكل الصف في المضيف الفلكلوري الذي شيده الشباب بالقصب وجذوع النخيل في السليج.
كان صفنا هناك مختلطا من الرجال والنساء، والصغار والكبار!
وقد أقمته ليلة في الأسبوع وتحديدا يوم الأحد مساء؛ واستمر الصف أشهرا حفظ الأطفال فيه الأشعار الفصحى، وتعلم الكبار بعض القواعد النحوية والصرفية.
وفي عام 2018 خطرت في بالي فكرة التعليم عبر عالم المجاز، ولأن المجموعة الواتسابية تستوعب 257 عضوا لا أكثر، أنشأت ثلاث مجموعات ونشرت رابطها، وخلال فترة قصيرة جدا انضم في المجموعات أكثر من سبع مئة عضوا من شتى مدننا الأهوازية، بل من داخل البلاد وخارجها.
وبدأت الصفوف بهذه الجملة التحفيزية:
سلام عليكم
تحية لكم، كلي أمل أن يتابع الأصدقاء هذه الدروس ويتمرنوها في أوقات فراغهم وأن يستمروا معنا حتى آخر خطوة.
والعربية بحر، لا نستطيع أن نتعلمها في ليلة وضحاها. فشمروا عن السواعد بارك الله فيكم واتعبوا لتدلوا من هذا البحر قدر المستطاع.
وشرعت التدريس حصتين في الأسبوع... يوم الجمعة ويوم الإثنين، وتحديدا في التاسعة مساء وحتى العاشرة. وفي هذه الساعة يستطيع الأعضاء أن يتفاعلوا مع الدرس والتمارين، ثم أغلق المجموعات لتصبح خدمة إرسال الرسائل للمشرف فقط.
ذكرتهم أن يغيروا لغة نقالهم إلى العربية، وأن يصحح لبعضهم البعض عند حل التمارين وأن يتباحثوا حول الأجوبة.
وكنت أصحح أخطاءهم الإملائية، فتراني أخرج من مجموعة فأدخل في مجموعة أخرى وأنا أقرأ جميع ما يرسلون ...
كما كنت أطلب منهم أن يسجلوا أصواتهم وهم يقرأون بعض الجمل التي أخصصها للقراءة.
ثم في نهاية الساعة أرسل لهم أجوبة التمارين ليقارنوا أجوبتهم معها.
وهذا نموذج من الدرس والتمارين وأجوبتها:
*الدرس 13*
*الفاعل (1)*
*هو اسم تقدمه فعل ودلّ على من فعل*.
*وحكمه الرفع*
*وإن كان مفردا رفعه بالضمة: ُ*
*مثل:*
*لعب الصغيرُ.*
*لعبت الصغيرةُ.*
التمرين الأول:
بيّن الفاعل واقرأ الجملة.
1. سقط الثلج.
2. عصفت الريح.
3. اشتد البرد.
4. يزأر الأسد.
5. شاع الخبر.
6. طلع الصبح.
7. تجري الرياح.
التمرين الثاني:
غير الجملة.
*هذا معلم.*
1...... معلمان.
2...... معلمون.
3. .....معلمتان.
4.......بيتان
5. .... ربة بيت.
6.......معلمات.
7.......كاتب.
*الأجوبة*
التمرين الأول:
بين الفاعل:
1. سقط الثلج. الفاعل: الثلج.
2. عصفت الريح. الريح
3. اشتد البرد. البرد
4. يزأر الأسد. الأسد
5. شاع الخبر. الخبر
6. طلع الصبح. الصبح
7. تجري الرياح. الرياح
التمرين الثاني:
غير الجملة.
*هذا معلم.*
1 ..... معلمان. هذان معلمان.
2...... معلمون. هؤلاء معلمون.
3 .....معلمتان. هاتان معلمتان.
4. ....بيتان هذان بيتان.
5. .... ربة بيت. هذه ربة بيت.
6.......معلمات. هؤلاء معلمات.
7.......كاتب. هذا كاتب.
وكان النشر في المجموعات يبدأ بالفلم الذي أشرح فيه الدرس على سبورة بيضاء، يصوره ماجد والذي يدرس في الصف الخامس الابتدائي، وتارة يصوره أسامة؛ وقليلا ما يحصل هذا لانشغاله في الجامعة.
ويبلغ حجم الفلم الذي لا يتجاوز ثلاث دقائق 250M فيصعب إرساله عبر الواتساب أو تحميله؛ ولذا كان عليّ أن أقلل حجمه. فكنت أنقله من الجهاز اللوحي إلى الحاسوب بواسطة برنامج SHAREit ثم أقلل حجمه ببرنامج Hand Brake لينخفض إلى 20M أو أقل أو أكثر بقليل؛ ثم أرجعه إلى الجهاز لأنشره في المجموعات.
أما بالنسبة إلى السبورة البيضاء، كانت لدي سبورة قد اشتريتها لصفنا الذي أقيم عام 2015 ولكني قد أخذتها معي إلى مضيف عبادان، وبلغني أنهم ما زالوا يستخدمونها لصف اللغة الانكليسية فتركتها لهم واشتريت أخرى.
وفي كل يوم كان أعضاء جدد ينضمون إلى المجموعات وآخرون يغادرون، فالمغادرون دخلوا وشاهدوا إن للمجموعات الاجتماعية المجازية جدوى أخرى وهي التعليم والتثقيف أيضا، وليست الدردشة التي لا طائل منها فحسب... وهذا في حد ذاته قد يولد أفكارا جديدة أخرى لمستخدمي مجموعات التواصل قد تنتج مشاريع تثقيفية أو تعليمية.
وكنت أرسل يوم الأربعاء أو الخميس مشاركة تشبه القصة القصيرة جدا غايتها أن تنبه الأعضاء بفائدة إملائية أو نحوية، وهذان نموذجان منها:
1. طلب ماجد من رشأ رصيدا، فأرسلت له الرصيد.
فشكرها عبر الواتساب برسالة:
لم يرسل لها: شكرن لكي يا رشأ.
ولا شكرا لكي يا رشأ.
بل أرسل لها: *شكرا لكِ* يا رشأ.
2. أرسلت لابنها رسالة عبر التيليجرام فقالت:
حبيبي فؤاد، ابق في البيت حتى أرجع من السوق.
لم يقل فؤاد: سمعا وطاعة، أضل حتى ترجعي.
بل قال: سمعا وطاعة، *أظل* حتى ترجعي.
انتباه:
ضل: انحرف عن الصراط المستقيم.
ظل: بقي.
وقد نشرت خواطر ليتعرف الأعضاء على كتابة الإنشاء وأشرت فيها إننا محرومون من الدراسة بلغة الأم، ومن الطبيعي أن تجد من هو ما زال متأثرا بالإعلام والثقافة الغالبة فيخالفك ويحتج على أقوالك، وليس أمامك أن تتحمل بساطته، أو أن تحاول تنبيهه وإرشاده بالرفق واللين.
ومن الطبيعي جدا ونظرا لتركيبة مجتمعنا العقائدي، أن تجد من ينشر منشورا عن عقيدته يخالف به المذهب الرسمي الحكومي، ويخالفه آخرون.
ولأن الوقت كان محددا ويتم إغلاق المجموعة بعده، لم تحدث مثل هذه الحالات إلا قليلا.
وقد أنشأت قناة في التيلجرام ونشرت فيها جميع الدروس التي تم تدريسها، وذلك للأعضاء الجدد الذين ينضمون إلى المجموعات.
ومن الخواطر الجميلة التي لا أنساها هي إني ذات يوم دعيت في مدينة معشور وأحضر أحد الحاضرين وهو نايف الزبيدي كراسته التي كتبها بعناية فائقة وهو يتابع الدروس التي أرسلها عبر الواتساب. فمثل هذه المثابرة تدفعني إلى الإصرار، وتزيد من عزيمتي في مواصلة النشاط والتدريس.
وبعد أن قدمت لأعضاء المجموعات 23 درسا من النحو، رأيت أن أحولهم إلى الدكتور أحمد الصاكي والذي اقترح أن يدرسهم الإنشاء بعد أن يمتحنهم من الدروس التي تعلموها في المجموعات.
وهكذا أتينا إلى نهاية هذه الرحلة الجميلة مع لغتنا العربية عبر الواتساب.
وسوم: العدد 818