هل طاسةُ العالم الإسلامي ، وحدَها ، ضائعة ، أم ثمّة طاسات ، عدّة ، غيرها ضائعة؟

في المثل الشعبي المعروف: الطاسة ضايعة ! والمقصود ، هنا، الاضطراب العامّ ، والفوضى، وعدم تمكّن أحد ، من الجزم ، بأيّ شيء واضح ، ذي جدوى !

قصّة المَثل :

في مملكة قديمة ، كان ثمّة ملك ، لديه ابنة وحيدة متزوّجة ، وكانت تحمل في بطنها جنيناً ، وعندما حانت ولادتها ، اجتمع الأمراء والأعيان ، للتهنئة بالولادة ! وكان ثمّة قابلة وحيدة ، موثوق بها من قبل الجميع ؛ لِأنها لاتكذب ! وهي التي تزفّ البشرى بالمولود ، وتحدّد ، ما إذا كان ذكراً أم أنثى ، كما أنها ، هي التي تحدّد ، ما إذا كان المولود ابنَ حلال ، أم ابن حرام !

وحين سُمع صراخ المولود ، أراد الوزير، أن يكون أوّل مبشّر به ، فسأل الداية ، حين خرجت من غرفة الولادة ، عن المولود : أهو ابن حلال ، أم ابن حرام ؟ فأخبرته ، أن الجنين ابن حرام ! فاستنكر الوزير ، وقال : إنها ابنة الملك ! فقالت الداية : أنا لا أغيّر كلامي ! فسألها الوزير، عن وسيلة معرفتها ، بكون المولود ابن حرام ، فأخبرته ، بأنها : تضع الجنين في الطاسة ، فإذا كان ابن حرام ، فإنه يطفو على سطحها .. وإذا كان ابن حلال ، فإنه يغوص فيها.. والطاسةُ لاتكذب ! فأمرها الوزير ، بأن تُريه الطاسة ، فسلّمتها إليه ، فألقى بها في النهر المجاور، وأمر الداية بالخروج ، وإخبار الناس ، بأن الطاسة ضايعة ، لذا ؛ لم تعرف ، ما إذا كان المولود ابنَ حلال ، أم ابن حرام ، ففعلت ! وبذا ، حافظت على صدقها ، ولم تؤذِ الملك ؛ باتّهام ابنته بالفجور! وصارت القصّة مضرب مثل ، على غياب الحقيقة ، واضطراب الأمور!

الطاسة ، إلامَ ترمز: أهي الهدف ، أم المشروع ، أم الرؤية .. أم هي كلّ ذلك !؟

الغالب ، هنا ، أنها ترمز، إلى كلّ ماذُكر!

 أوّلا (1) طاسة العالم الإسلامي : ضائعة ، اليوم ، أم مسروقة !

الواضح ، هنا ، أنها ضائعة ! وحتّى لو كانت مسروقة ، فإن اللصوص الذين سرقوها ، كثيرون جدّاً ، عبر الزمان والمكان ! كما أن المتسبّبين بسرقتها ، من أبناء الملّة ، كثيرون ، جدّاً ، وكلّ منهم تسبّب ، في السرقة ، بطريقته ، ولأهدافه .. أو لضعف مؤهّلاته !

     (2) أهذه هي المرّة الأولى ، التي تضيع فيها ، طاسة العالم الإسلامي؟

    لا .. لقد ضاعت الطاسة ، مرّات عدّة ، عبر التاريخ الإسلامي ! وفي مراحل كثيرة ، في أيام الغزو المتعاقية ، من غزو المغول والصليبيين ، قديماً ، إلى غزو الاستعمار الصليبي ، في العصور المتأخّرة !

    (3) كيف وُجدت الطاسة الإسلامية ، التي ضاعت ، في المرّات السابقة؟

كانت عقيدة الأمّة واضحة ، لدى النخب المستنيرة المخلصة ، من أبنائها ، بشكل عامّ ! وكانت هذه العقيدة ، هي الدافعة ، والمحفّزة ، التي تدفع أتباعها ، إلى الالتفاف ، حول القائد ، الذي يحمل مؤهّلات ، تجعل الناس يثقون به ، لمحاربة الأعداء ، واستعادة زمام المبادرة ؛ لرفع شأن الأمّة من جديد ، وإيجاد الطاسة الضائعة ، أو استعادتها ، إذا كانت مسروقة ! والنماذج التاريخية الفذّة ، ماتزال تعيش ، في أذهان أبناء الأمّة ، إلى اليوم ! ويمكن ذكر بعض هذه النماذج ، على سبيل المثال لا الحصر ، مثل : صلاح الدين الأيّوبي ، وقطز، وبيبرس !

    (4) كيف يمكن إيجاد الطاسة الضايعة ، في العالم الإسلامي؟

   عبر النخَب المخلصة ، والظروف المواتية ، مع توفيق ربّاني ، حين تكون الأمّة مؤهلة له !

   ثانيا : هل ثمّة طاسات ضائعة ، غير الطاسة الإسلامية ؟ وماهي؟

  ثمّة طاسات عدّة ، مرشّحة للضياع ، من سنين ، عدّة ، لأسباب كثيرة ، ذكرها بعض الباحثين الغربيين ، في أواسط القرن المنصرم ، وهي تزداد انزلاقاً ، نحو الضياع ، ومنها : ( الطاسة الأوروبيّة ) و (الطاسة الأمريكية) .. وطاسات عدّة ، غيرها ، منبثّة في أرجاء الأرض !

وسبحان القائل : إنّ الأرضَ لله يُورثها مَن يَشاء مِن عبادِه والعاقبةُ للمتّقين .

وسوم: العدد 826