الحقوق : تُثبتها القوى ؛ قوّة الدليل في القضاء، وقوة السيف في الحرب.. ويبتلعها الحكم الظالم!
حقوق القضاء:
القضاء ، في أيّة دولة ، هو الضامن الأساسي ، لحقوق المواطنين ، في هذه الدولة ! وإذا فَسدَ ، فَسدَ معه ، كلّ نوع ، من أنواع التعامل ، داخل الدولة ؛ إذ يبغي القويّ ، على الضعيف ، والماكر على الغافل ! بل إن كثيراً ، من أولي الأرحام ، يبغي بعضهم ، على بعض !
ونَيلُ الحقوق ، في القضاء ، يمرّ بمرحلتين ، هما : إثبات الحقّ ، أوّلاً ، وتحصيله ، ثانياً!
أمّا إثبات الحقّ ، فطُرقُه معلومة ، من عهود طويلة ؛ إذ قال الشاعر الجاهلي ، زهير بن أبي سلمى :
فإنّ الحقّ مَقطعُه ثلاثٌ : يَمينٌ ، أو نِفارٌ ، أو جَلاءُ !
أيْ : أنْ يَحلف أحد الخصمَين ، اليمين ، وهو ، هنا ، مُنكِرُ الحقّ الذي في ذمّته ؛ انطلاقاً ، من قاعدة : (البيّنة على مَن ادّعى ، واليَمينُ على مَن أنكَر) ! أو، أن يَتنافر الخصمان ، إلى قاضٍ، يحكم بينهما..أو أن يجلو صاحبُ الحقّ حقّه ، ببيّنة ، تثبت الحقّ، وتجلوه، أمام الناس!
وما تزال هذه القاعدة سارية ، إلى اليوم !
أمّا تحصيلُ الحقّ، بعد إثباته، فله طرق عدّة، سواء أجرى التقاضي، أمام محاكم مدنية، أم قبلية!
حقوق الحروب:
أمّا الحروب ، فلها حقوقها وقوانينها ! وأهمّ مافي قوانين الحرب ، أن المنتصر، يُملي شروطَه، على الخاسر! وتختلف الأطراف المتحاربة ، في كلّ عصر ومصر، في الشروط ، التي يمليها المنتصر، على المهزوم ! وتدخل ، هنا ، عناصر عدّة ، منها أخلاق المنتصر، ومنها الظروف المحيطة بالحرب ، من حيث الأسباب والنتائج ، ومنها الظروف الدولية ، والقوانين الدولية ، التي تدخل ، أحياناً ، في التعامل ، مع نتائج الحرب .. وغير ذلك !
حقوق المواطنين ، تحت سلطة حاكم ظالم :
أمّا حقوق المواطنين ، تحت سلطة حاكم ظالم ، فهي ، غالباً ، ضائعة ؛ لأن الحاكم الظالم ، يفرض على مواطنيه ، شريعة الغاب ، التي هو فيها المسيطر، على كلّ شيء ! فهو الذي يجعل الحقّ حقّاً ، أو باطلاً ، بما يملك من سلطة تنفيذية مطلقة ! وإذا أحيلت الحقوق إلى القضاء ، ليحكم فيها ، فإن الحاكم الظالم ، يملي على القاضي ، مايراه صواباً ! ولا يملك القاضي ، إلاّ الخضوع ، لأمر سيّده المتنفّذ ؛ وإلاّ عَزلَه ، أو وضعه في السجن ، وعيّن في مكانه قاضياً ، يلتزم بأمر الحاكم !
وهكذا، يكون الحاكم الظالم ، أشدّ إفساداً ، في دولته ، من أيّة قوّة غريبة فاسدة مفسدة ! وهو بلاء ، تُبتلى به الأمم والشعوب ، في ظروف ضعفها !
وسوم: العدد 826