في المصانعة
أدب وسياسة :
قال : " والله إنك تعلم أني أعلم إنك لكاذب "
ومقول القول أعلاه لأحد وجوه بني حنيفة يخاطب ابن عمه مسيلمة الكذاب . وقد انحاز إليه عصبية في ادعائه النبوة . فلما أراد مسيلمة أن يحرجه في مشهد عام ، ويظهره كتابع له مصدق بنبوته فجأه الرجل بهذا القول الذي ضمته بطون الكتب لتوصيف حالة من التكاذب الذي يجمع الناس على مصالحهم الضيقة ، ومنافعهم الشخصية أو الفئوية ، أو على بثر النقمة في نفوسهم يحكونها حك الأجرب لا يكاد يسكن له لاعج ..
ومن هنا نقول لبعض " الكادة " من الكيد وما أقرب مخرج الكاف من القاف إذا أردتم أن تصانعوا . وحل المصانعة أحيانا كحل الميتة ولحم الخنزير للمضطر فلا تبالغوا في التزلف والترقق وإظهار المتابعة والموافقة ، ولا تكثروا الحديث عن عشيات الحمى ولا تظنونها ترجع ..
فملالي طهران وكادتها يعلمون أن صادقكم حين يرطن لهم مصانعا كاذب ، وهي لا تبالي أصلا بكاذبكم الأصلي فلا أحد في هذا العالم يحترم التافهين .
فما تحدث شيعي مع مسلم إلا كذبا وكلاهما يعلم ذلك ولا أجابه الآخر إلا بمثله ، وكلاهما يقول للآخر ضمنا مقولة الرجل الحنفي : والله إنك تعلم إني أعلم إنك لكاذب.
كان زهير بن أبي سلمى المزني حكيم العرب الذي يقول :
ومن لم يصانع في أمور كثيرة .. يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم
أي تنهشه الأنياب ، ويدوسه الخف والحافر .
لا أدري هل حكمة أهل الجاهلية تلزمنا ؟!
المشكلة أننا ما تربينا عليها شبابا ويريدونها منا شيبا . ولو صانعنا من قبل الذي يصانعون اليوم لكانوا اليوم مضطرين إلى مصانعتنا لو كانوا يعلمون ...
حفظوا ورفضنا : يرقص للقرد في دولته ، فلا تعجب إن رأيتهم حول بشار الأسد يرقصون...
وسوم: العدد 827