المُلوَّن والمتلوِّن والمُتكيّف : أيُّهم المعذور.. وأيُّهم المحذور؟

اختلافُ الألوان !

قال تعالى :  

(وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ).

فقد جعل اختلاف ألوان البشر؛ بين أسود وأبيض وأصفر.. من آياته ، سبحانه ، وليس للناس يَدٌ، في اختيار ألوانهم .. ولا يدلّ لونُ الجِلد ، بذاته ، على خير أو شرّ ، لدى صاحبه !

التلوّن بالوجوه والألسنة !

قال رسول الله :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  تَجدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، عِنْدَ اللَّهِ ، ذَا الْوَجْهَيْنِ ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ ، وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ ".

وهذا يشير، إلى تلوّن الشخص ، بأخلاقه، في تعامله مع الناس، بحسب الحالة، التي هو فيها! ويُضرب ، على ذلك ، مثل ، بالحرباء ، التي تغيّر لونها ، حسب ظروف الطقس ، وأشعّة الشمس ؛ كي تحمي نفسها ، من أن تراها المخلوقات ، التي قد تؤذيها ، من بشر وطيور ، وغير ذلك !

القدرة على التكيّف : يَعُدّ بعضُ الباحثين ، القدرة على التكيّف ، مع الظروف الطارئة ، والأحوال المستجدّة .. يَعدّونها من مظاهر الذكاء ؛ إذ يصعب على الكثيرين ، التعامل ، مع الظروف القاسية والطارئة ، والتحوّل ، من الحياة الناعمة ، إلى الحياة القاسية ! وقد ورد في الحديث: (اخشوشِنوا ؛ فإن النِعمَ لاتدوم) !

ومن أنواع التكيّف ، ماورد ، عن عِمران بن حطّان ، الخارجي ، في عهد بني أميّة:

كان عمران بن حطّان ، الشاعر الخارجي ، حين توارى ، خوفاً على نفسه ، من سطوة عبد الملك بن مروان وجنوده ، بعد مشاركته ، في مقاتلة الخوارج ، لجيش الدولة.. كان عمران قد وطّأ نفسه ، على حياة التخفّي والتواري ! وكان يَلجأ، متخفّياً ، ملثّماً ، إلى بعض الوجهاء والمتنفّذين ، من كبار رجال الدولة والمجتمع ! فقد لجأ، مرّة، إلى زُفَر بن الحارث الكلابي ، وحين عرفه زُفَر، اعتذر عن عدم إجارته ، لأنه يعجز، عن إجارة رجل مطلوب للخليفة ! ولجأ عمران ، إلى رَوح بن زنباع ، فاعتذر عن إجارته ، قائلاً : أجيرك من الإنس والجنّ ، إلاّ عبد الملك بن مروان ، فلا طاقة لي ، على إجارتك منه !

وممّا قاله عمران ، في وصف حاله ، في التخفّي والتواري :

وسوم: العدد 838