عام قمري جديد ... ١٤٤١ عاما على الهجرة النبوية ... حول أدلجة التقاويم ..

ارتبط تطور علم التقويم لمعرفة دورة العام على هذه الأرض بتطور وعي الإنسان للزمان . كما ارتبط بتطور علميّ الفلك والحساب .

في تاريخ الحضارة الإنسانية تقويمات كثيرة . فيها من الاضطراب بقدر ما فيها من الدقة وهي في كل مرحلة تؤشر على تطور علم الإنسان . ولكن يمكن أن نصنفها تحت أربعة عناوين رئيسة .

تقويمات تعتمد دورة القمر ..

وتقويمات تعتمد دورة الشمس ..

وتقويمات مختلطة تعتمد دورتي الشمس والقمر معا .

ورابعا تقويمات عشوائية أو تحكمية اتبع أصحابها افتراضات خارجة عن السياق الفلكي العام .

عندما جاء الإسلام كان العرب يعتمدون في حياتهم التقويم القمري . وكانوا يؤرخون بالأحداث الكبرى التي يعيشون ويعتمد ذلك على مدى تأثرهم ببعض الأحداث .

فهم يذكرون أيامهم الكبرى وأكثرها من حروبهم التي يؤرخون لها تحت عنوان " أيام العرب " وقد كان عام الفيل من التواريخ الذي أرخت به قريش .

ومع أن العرب كما قلنا اختاروا التقويم القمري إلا أن التقويم الشمسي لم يغب عن أفق شعوب منطقتهم .

ربما تاريخ التقويمات من الناحية الحضارية يمثل صورة واضحة لعلم الإنسان ووعيه .

وأساس ذلك معرفته الدقيقة بدورة الأرض ضمن مجموعتها حول الشمس والتي تنشأ عنها فكرة " السنة أو العام " والتي يكون دليلها منازل الشمس والقمر .

بدأت الحسابات الفلكية تكون دقيقة. في وقت مبكر من تاريخ الحضارة . وكلمة دقيقة كلمة نسبية في إطار تاريخ الحضارة المكتوب .

الذي نريد أن نؤكد عليه أن التقويمات هي مجرد صيغ لآليات علمية لضبط حركة الأرض في مدارها الكبير حول الشمس .

أي أن التقويمات عمليات حسابية فلكية بعيدة عن الأدلجة ..

كان للمصريين تقويمهم العلمي الدقيق منذ خمسة آلاف سنة ..

الشعوب السامية ومنهم العرب والسومريون والبابليون والآراميون والعبرانيون كانت لهم تقويماتهم التي اعتمدت دورة القمر تارة ودورة الشمس أخرى .

الرومان استعانوا بعالم مصري ليضع لهم أساس التقويم اليولياني . المنسوب إلى يوليوس قيصر .

ولم يعتمدوا التقويم الغورغري - النسخة المعدلة عن اليولياني إلا في القرن السادس عشر .

وكانوا قبلا على التقويم الإسكندري السلوقي وبه أرخت بعض الوثائق أيام الحروب الصليبية .

السنة الميلادية هي سنة شمسية اعتمدت ميلاد المسيح عليه السلام نقطة للبداية .

السنة الهجرية هي سنة قمرية اعتمدت هجرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نقطة للبداية .

نحن اليوم لا نعيش في ذكرى الهجرة النبوية ، وإنما نعيش بداية عام قمري هجري جديد .

هجرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقت في ٢٧ صفر من العام / ٢٤ للبعثة من مكة ووصل رسول الله المدينة في ١٢ ربيع الأول من العام نفسه حسب المعتمد من الأقوال .

محطات حياة الرسول الكريم الكبرى مولده وهجرته ووفاته كلها كانت في مطلع ربيع الأول .. فأي عبرة ؟!!

اعتمد تاريخ الهجرة كبداية لتاريخ الإسلام والمسلمين في عهد سيدنا عمر وبإشارة منه " أرخوا بالهجرة فقد فرقت بين الحق والباطل "

رضي الله عن الفاروق ..

وكل عام وأنتم بألف خير

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 840