النجاح نهج وأخلاق مريم
أستفتح هذا الموضوع بكلمة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى -حفظه الله- حين قال: «ويعود الفضل في نجاحنا، بعون الله، في احتواء معظم آثاره السلبية إلى نهجنا الهادئ والحازم في إدارة الأزمة، وكشف كافة الحقائق المتعلقة بها للعالم أجمع، وتمسّكنا باستقلالية قرارنا السياسي، في مواجهة محاولة فرض الوصاية علينا».
إن التعامل مع التحديات يحتاج نهجاً مستمراً، خاصة ما دام التحدي قائماً، بل ومن الأفضل، أن يكون هو الطريق المعتاد للتعامل في كل يوم، ليتحول إلى ممارسات حياتية مميزة، فالنهج الهادئ يعطي فرص أفضل للنجاح. فالكثير من الناس، لا يمكنهم الاستمرار والمواصلة، لعدم قدرتهم على تفهّم طبيعة التحديات، واستمرار بحثهم عن الكمال في الأشياء، وهو ما يجعلهم يفقدون الأمل سريعاً، فالأصل تقبّل النقص، والعمل على الكمال والاستكمال، فهو يمنح الأفراد الشجاعة للنجاح، ويمنحهم الفرص الكافية، لتجريب محاولات إبداعية في كل مرة، تساهم في التحسين والتجويد، وتصعد بالعمل نحو الجودة والكمال المنشود.
ومن نهج التعامل مع التحديات «الحزم»، فالتعامل بهدوء ومرونة لا يتعارض أبداً مع الحزم الذي يكون له دور كبير للتمييز بين الإفراط والتفريط، ويكون له دور في اتخاذ القرارات الرئيسية الحاسمة، كما أن الحزم منطقة تفصل المرونة عن التسيب والفوضى، ومرحلة حاسمة في اجتياز التحدي، والتعامل مع الأزمات المختلفة على أي مستوى. ومع المرونة والصبر وسعة الصدر، وصولاً إلى الحزم لا بد من استمرارية الشفافية، والتعامل مع الأحداث بطريقة تمهد لفهم أوضح، وتصحح المعلومات بشكل أدق، منعاً من التأثير الضار، أو المضلل، في الوقت الذي تتم المحافظة فيه على الاستقلالية، حتى لا يسيطر الوضع أو أطرافه على التحدي، فيكون المصير، السيطرة، وهو ما لا تحمد عقباه، فالقدرة على أخذ القرارات باستقلالية وتحمل تبعاتها، يعطي الكثير من الثقة من جميع الأطراف، ويمنح الاحترام الذي يؤثر فقده على جميع المواقف، ويصبح الفرد في حال تفريطه في استقلاليته تابعاً، وهو ما يترتب عليه التدخل في كل الأمور، وفقدان السيطرة، وتداخل الأمور، وفقدان المسؤولية، وهنا يكون الخطر؛ لأنه يعلن الضياع التام.
لكل شيء نهج، ويؤثر النهج في التعامل في حياتنا مع الآخرين في كل وقت على جميع المستويات، سواء على المستوى الشخصي، أو الفردي أو الاجتماعي، أو المؤسسي والدولي أيضاً، لذا تكون أهمية الحرص على النهج السليم والمحافظة عليه، فبه تنجو سفينتنا!
وسوم: العدد 857