فِتَن مدمّرة لأصحابها ، في الدنيا.. مُهلكة في الآخرة ، ويظنّون أنفسَهم دهاة !
قال ، تعالى ، عن المنافقين ، الذين يحتجّون ، بالخوف من الفتنة ، ليتهرّبوا من الجهاد :
(ومنهُم مَن يقول ائذنْ لي ولا تَفتنّي ألا في الفتنةِ سَقَطوا وإنّ جهنّم لمُحيطة بالكافرين) .
وقد نزلت هذه الآيات ، في رجل من بني سلمة ، يقال له : الجدّ بن قيس ، الذي قال للنبيّ، قبل غزوة تبوك : ائذن لي ، ولا تفتنّي ؛ فإني أخاف ، من فتنة بنات بني الأصفر!
وقال : قد علمت الأنصار، أنّي إذا رأيت النساء ، لم أصبر، حتّى أُفتتَن !
فبمَ يحتجّ أمثاله ، اليوم ؟
نماذج :
وَجيهٌ قبَلي ، سمّى نفسه ، حين أعلن معارضته للنظام السوري ، سمّى نفسه : شيخ قبيلة كذا ! وقد رحّبت به المعارضة السورية ، بسائر فصائلها ومكوّناتها ، وشَغل مواقع متقدّمة ، في هيئات المعارضة ومؤسّساتها ، وحاز شهرة ، لم يكن يحلم بمثلها ، لدى الناس في بلاده ؛ لأن الناس ، يحبّون أصحاب المواقف الجريئة ، ويحترمونهم !
وبعد أن حقّق لنفسه مكانة ـ في المعارضة ، طرأ لديه موقف جديد ، هو: ضرورة العودة ، إلى حضن الوطن ، أيْ : إلى حضن الجزّار، الذي عارضه ! وقد احتجّ هذا (الوطني النبيل!) بحجج مختلفة ، منها : عدم جدوى المعارضة .. ومنها : الخوف ، على بعض أهله ، من انتقام أزلام السلطة .. ومنها : عدم إعطائه مايستحقّ ، من الاهتمام ، ومن المواقع ، التي يرى نفسه مؤهّلاً لها ! وغيرذلك ، من حجج ومسوّغات سخيفة ؛ ممّا دعاه ، إلى اتخاذ (موقفه الجريء والنبيل!)، بالعودة إلى حضن الوطن !
وحين يَنفضُ هذا الوجيه القبلي ، العائد إلى حضن وطنه .. حين ينفض عباءته ، بعد إجراء مقابلة تلفزيونية معه ، لا يعلم أحد من البشر، ما إذا كان ينفضها ، إحساساً بالزهو ، أم شعوراً بالخزي ، أمام شعبه ، من ناحية عامّة .. وأمام أزلام النظام ، الذين ينظرون إليه باحتقار، نظرتهم إلى أيّ منافق مذبذب.. وأمام قبيلته ، التي يَسخر منه أفرادها ، لأنه ادّعى أنه شيخ لها، وهو لايمثل فيها أحداً ، سوى عدد قليل ، من عشيرته ، وأهل بيته ، الذين ينظرون إليه نظرات مختلفة ، بين الإشفاق عليه ، والخوف من المجهول ، الذي قد يتعرّضون له ، بسببه !
وهذا النموذج يمثّل نمطاً من الناس ، في سورية ! وأمثاله كثر، ولكلّ منهم صورتُه المرسومة، في أذهان أبناء شعبه ، وأنظار الإعلاميين ، الذين يُجرون معه المقابلات ، الصحفية أو التلفزيونية !
رِجل في المعارضة ، ورِجل في السلطة : بعض المنافقين ، اتّخذوا مواقف وسطية ، بزعمهم ، وهي : أن يضعوا رِجلاً في المعارضة ، ورجلاً في السلطة ؛ لكي يكسبوا مودّة الطرفين ، ويكسبوا ، بالتالي ، ما يقدّمه الموقفان المتعارضان ، من ميزات !
ومثل النموذج السابق ، ثمّة رجال ونساء ، في المعارضة ، يغازلون السلطة ، ويتّخذون ، في هيئات المعارضة ، أنصاف مواقف !
وقد وصف ربّنا ، عزّ وجلّ ، هذا النوع من البشر ، بقوله :
(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (
وسوم: العدد 857