في صراع الخير والشرّ: ليس ثمّة نصر بالضربة القاضية ، بل بالنقاط ، دائماً !
الصراع بين الخير والشرّ ، مستمرّ وأبَدي ، حتى يرث الله الأرض ، ومن عليها ، وماعليها!
حتّى داخل النفس البشرية الواحدة ، ليس ثمّة نصر، للخير أو الشرّ ، بالضربة القاضية ؛ وإلاّ لصار بعض البشر مثل الملائكة ، بانتصار الخير في قلوبهم ، وهيمنته عليها .. وصار بعضهم مثل الشياطين ، بانتصار الشرّ، في قلوبهم ، وهيمنته عليها !
أهلكَ الله أمَماً كافرة كثيرة ، كانت تمارس الشرّ ، لكنّ الشر لم ينعدم ، من حياة البشر!
نصرَ الله المؤمنين ،على الكافرين ، في حروب عدّة ، لكنّ الكفر لم ينقرض ، من على وجه الأرض!
نصر الله المؤمنين ، على الكافرين ، في معركة بدر، لكنّ الكفر ظلّ موجوداً ، وظل يحارب ، وانتصر الكفرة على المسلمين ، في معركة أحُد ، بسبب أخطاء بعض المقاتلين المسلمين !
حاصر الكفرةُ المسلمين ، في عاصمة حكمهم ، المدينة المنوّرة ، في غزوة الأحزاب ، وكادوا يجهزون عليهم ، لولا أن أيّدهم الله بنصره ، بجنود لم يروها ، منها : العواصف ، التي اقتلعت خيامهم ، وكفأت قدورهم ، إضافة إلى جهود بعض المسلمين ، في تفرقة الحلف الكافر، بين قريش وقريظة ، بتوفيق الله !
وانتصر الكافرون ، على المسلمين ، في حروب كثيرة ، عبر التاريخ ، وفي أماكن شتّى ! لكنّ الإيمان ظلّ موجوداً، يقاوم ، ويؤسّس دولاً، ويقيم حكومات ، في أماكن متعدّدة ،على وجه الأرض!
نصرَ الله المسلمين ، في عين جالوت ، على التتار، فانكسرت شوكتهم ، لكنّ نصرَ المسلمين ، أعقبته انتكاسات سياسية وعسكرية ، في المناطق ، ذاتها !
نصر الله المسلمين ، على الصليبيين ، في معركة حطّين ، على يد صلاح الدين الأيّوبي ، فتحرّرت القدس ، من سيطرة الفرنجة ، لكنّ المسلمين ضعفوا ، في مراحل لاحقة ، فاستطاع أعداؤهم النيل منهم ، واحتلال أجزاء من بلادهم !
سنّة الله ، في دفع الناس ، بعضهم ببعض ، قائمة ، إلى ماشاء الله ؛ إذ قال سبحانه : ولولا دفعُ الله الناسَ بعضهم ببعض لفَسدَت الأرضُ ..
في العصور الحديثة ، احتلّ الكفرة ، كثيراً من بلاد المسلمين ، في حروب مختلفة ، عالمية ومحلّية، لكنّ الله صرف كيد الكافرين ، في ظروف متنوّعة ، ولأسباب مختلفة ، من أهمّها : صراع الكفرة فيما بينهم ، حول مناطق النفوذ والسيطرة ، التي منها بلاد المسلمين ، فدَفعَ كيد الكافرين ، عن المسلمين ، بتدافع الكفرة ، فيما بينهم !
وتُظهر سُننُ الصراع ، مايلي :
نقاطُ ضعف الكفرة الأساسية ، هي ضعفُ قواهم المادّية ، واختلافاتهم فيما بينهم !
ونقاط ضعف المسلمين الأساسية ، هي البعد عن دين الله ، وتفرّق المسلمين .. ثمّ يأتي ، أخيراً، الضعف المادّي : العسكري والسياسي والعلمي ..! وقد يكون الضعفُ الأخير، نتيجة للنقطتين السابقتين !
وتبقى إرادة الله ، فوق الجميع ، فهو يجري أقداره ، كما يشاء ، بما يشاء ، لِما يشاء ، متى يشاء.. علينا ، وعلى غيرنا .. بأيدينا ، وبأيدي غيرنا ! سبحانه ، له الملك وله الأمر، وهوعلى كل شيء قدير!
وسوم: العدد 864