مَن عجز عن استيعاب الأقربين، فهو عن استيعاب الأبعدين ، أعجَز!
خاطب الله نبيّه ، قائلاً : وأنذرعشيرتَك الأقربين .
وقال ، تعالى : الأقربون أولى بالمعروف .
وقال ، تعالى : وأولو الأرحام بعضُهم أولى ببعض في كتاب الله .
فماذا يعني هذا ؟ يعني ، ببساطة ، أن صلة القرابة مقدّمة ، على سائر الصلات المختلفة، فيما لاظلم فيه للآخرين ، ولا مخالفات للشرع ، ولا حيف في القضاء ، كما تبيّن الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، المتعلقة بهذه الأمور!
صلة القرابة مقدّمة ، على غيرها من الصلات ، في المجتمعات البشرية ، قاطبة .. لكنّ لها في الإسلام ، ضوابط وقيوداً !
بنو هاشم دخلوا، مع النبيّ ، في الحصار، الذي فرضته قريش، في السنوات الأولى، من الدعوة النبويّة ، وكان الكثيرون من بني هاشم ، على الجاهلية ، لم يؤمنوا بالإسلام ، إنّما دفعتهم إلى مؤازرة النبيّ ، الحميّة القبلية !
لكنّ لدين الإسلام ، أحكاماً وضوابط ، يلتزم بها من اعتنق الدين :
فصِلة الدين ، تأتي قبل صلة الرحم ، إذا كان البعيد مؤمناً ، والقريب كافراً !
لقد آخى النبيّ ، حين وفد إلى المدينة المنوّرة ، بين المهاجرين والأنصار، مع اختلاف الأنساب !
وقاتل المسلمون المهاجرون، مع مسلمي الأنصار، أقرباءهم المشركين، من قريش، في معارك بدر وأحُد ، وسواهما ! فرباط الدين ، هنا ، أقوى من رباط النسب ، وآصرةُ الدين مقدّمة ، على ماسواها ، من الأواصر المتنوعة !
أمر الله المسلمَ ، بطاعة والديه ، ومصاحبتهما في الدنيا معروفاً .. أمّا إذا أمراه ، بأن يشرك بالله ، فلا تجوز له طاعتهما ، في ذلك !
ويُبنى ، على كلّ ماتقدّم ، مايلي :
لصلة الرحم شأن خاصّ، عند الناس عامّة ، وعند المسلمين !
لكنّ غير المسلمين ، قد يؤثرون أقرباءهم ، في أمور، محظورعلى المسلم ، أن يفعلها ، مثل :
المحاباة في توزيع المناصب .. والمحاباة في القضاء.. ونصرة القريب على البعيد بالباطل .. ونحو ذلك ! أما المسلم فمنهيّ عن ذلك ، بنصوص القرآن والسنّة النبوية!
والمسلم المأمور بصلة الرحم ، مطلوب منه ، أن يسَع أرحامه ، وأن يُسدي إليهم المعروف ، الذي لايؤمر بتقديمه إلى غيرهم !
ويعلم المسلم الواعي ، أن المنصب العامّ ، هو منصب موضوع لنفع المواطنين ، في الدولة ، ويُنظر فيه إلى النزاهة والكفاءة .. فلا يحق له ، أن يعيّن ذا رحمه ، في موقع سلطة ، يعلم أن في المسلمين ، من هو أكفأ منه ، له ؛ ففي ذلك نصوص قاطعة ، تمنع فعله ! ومثل هذا السلوك ، الذي يؤثَر فيه القريب غير المؤهّل ، على البعيد المؤهّل ، سائد في سائر المجتمعات البشرية !
والخلاصة : المسلم الذي لايصل أرحامه ، إلاّ على حساب الآخرين ، يقترف ذنباً عظيماً !
والمسلم الذي يعجز، عن استيعاب أرحامه ، من حساب وقته ، وجهده ، وماله الخاصّ ، هوعن استيعاب غيره أعجز !
وسوم: العدد 866