الدفاع عن السوريين واجب أخلاقي وإستراتيجي وحماية لأمن أمريكا

لندن – “القدس العربي”:

دعا المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” جوش روغين الأمريكيين للاهتمام بسوريا.

وبدأ مقالته بالقول إن “الوضع في سوريا كارثي حيث يقوم الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون بضرب جيب المعارضة في إدلب. ويواصلون عملية الذبح الجماعي للمدنيين”. وأضاف أن تركيا جُرّت إلى النزاع بسبب الفوضى على حدودها وصارت بالضرورة في حالة حرب مع النظام السوري وبشكل أوسع مع روسيا.

وتوجه آلاف السوريين من جديد نحو أوروبا بشكل سيؤدي إلى زعزعة الوضع هناك. ورغم مرور تسعة أعوام على الحرب إلا أن الولايات المتحدة مصممة على ما يبدو لمواصلة تجاهلها ما يحدث في سوريا، رغم محفزات قوية، إستراتيجية وأخلاقية، للتحرك. وحذر المعلق من مواجهة باتت قريبة بين تركيا عضو الناتو وروسيا، في وقت فر الكثير من السكان من إدلب خلال الأشهر الماضية أكثر مما هرب من المسلمين الروهينجا في ميانمار خلال السنوات الخمس الماضية.

ويعيش مئات الآلاف من المدنيين في ظروف الجوع وتحت الأشجار ويواجهون البرد. ولم ترد لا أوروبا أو أمريكا على طلب تركيا للمساعدة. ويقول إن الهجوم الذي شنه بشار الأسد بدعم الطيران الروسي والميليشيات التي تدعمها إيران قد دفع المدنيين في إدلب إلى منطقة ضيقة، وهي مثل جهنم. وقال جون أولترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: “احتشد الآن 3 ملايين سوري، يعانون من البرد وبدون مياه للشرب أو مرافق صحية ولا مساعدة طبية”.

وتحدث أولترمان في مناسبة الأسبوع الماضي مضيفا أن “هذا يحدث بعيدا عن اهتمام الرأي العام، وليس لأنه لا يعرف عنه بل لعدم اهتمامه” بما يحدث. وكان رد إدارة دونالد ترامب هو الشجب العلني للجرائم وتقديم الدعم الكلامي لتركيا وليس أكثر. وسافرت سفيرة الولايات المتحدة كيلي كرافت مع المبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري لالتقاط صور مع قوات الدفاع المدني المعروفة بالخوذ البيضاء. وأعلنت الولايات المتحدة عن تخصيص 108 ملايين دولار للمساعدات الإنسانية الجديدة، وهذا تحرك جيد، مع أن معظمها سيذهب عبر الأمم المتحدة إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام. و”حتى هذه اللحظة لم تقدم الإدارة أي دعم عسكري طلبته تركيا، ويتراوح من بطاريات باتريوت إلى التعاون الأمني والدعم اللوجيستي للمهمة وحماية الجنود الأتراك والمدنيين في سوريا”.

وأخبر جيفري الصحافيين أن الولايات المتحدة ستقدم للأتراك الذخائر. ولكن مسؤولا في الخارجية وضح لاحقا أن هذا الأمر ليس جديدا وأكد أن الطلب التركي قيد الدراسة. ورغم اتفاق الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين على وقف إطلاق النار إلا أن هذا لن يستمر خاصة أن الدينامية على الأرض لم تتغير.

وكما فعلوا من قبل فسيعود نظام الأسد وبدعم من الروس لضرب المدنيين من جديد وخرق الاتفاق. وسيتواصل الذبح ويدفع بموجات جديدة للاجئين ويؤدي بالكثير منهم نحو التطرف. ويقول ترامب إنه لا يرى في سوريا سوى “رمال وموت” وقد يتوصل لنتيجة أن الأمريكيين لا يهمهم الأمر، ولكن عليهم الاهتمام لهذه الأسباب. فالنقاش الإستراتيجي واضح، وهو أن ما يحدث في سوريا لا يظل فيها. فموجات جديدة تعني نشر الفوضى وعدم الاستقرار في أوروبا. وستتعرض المصالح الأمريكية بالمنطقة للضرر بسبب تزايد الفوضى. وسيكون هذا بمثابة الفرصة لتنظيم الدولة الذي ينتعش في الفراغ والفوضى للعودة من جديد. وعندما يستعيد قوته فسيكون الهدف الأول له الأمريكيين أينما كانوا.

وهناك من يناقش أن على الأمريكيين عدم الوقوف في طريق الأسد المصمم على استعادة إدلب. والمشكلة أن تصميمه لا يتوقف عند هذه المحافظة، فسيكون الهدف التالي منطقة شمال- شرق سوريا، حيث ينتشر أعداد من الجنود الأمريكيين. ولو سحبنا هذه القوات فسنخسر النفوذ الذي يعطينا مكانا في الحل السياسي. وسيكون المستفيد الأول من الفراغ هو تنظيم الدولة. وكما هو الحال في العراق وأفغانستان، فهناك الكثير من الأمريكيين يريدون خروج بلادهم من الشرق الأوسط. ولكن سوريا ليست العراق، ففي ظل وجود مئات من الجنود الأمريكيين فهناك فرصة لحماية أرواح الملايين من وحشية الأسد وحكمه. ولو سمحنا لهذه المذبحة فستحدث مذابح جديدة، وهناك واجب أخلاقي علينا لمنعه.

ويقول وزير الخارجية البريطاني السابق ومدير لجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند: “الحرب في سوريا ليست كارثة فقط” و”الحرب في سوريا ستصبح وبشكل خطير سابقة لوحشية جديدة ونزاع مقسم ومعد”. 

وسوم: العدد 867