هلْ إدلب على موعدٍ مع التصعيد؟

إنّه بغض النظر عن تصريحات مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر، الخميس: 4/ 6- الجاري، من أنّ روسيا تقوم بدور مدمر في الشرق الأوسط، وأنه يجب عليها مغادرة المنطقة.

وبغض النظر عن الغرض من الطلعات الجوية، التي شهدتها المنطقة، يومي الإربعاء والخميس: 4- 5/ 6 - الجاري، بعدما ذكر عن قيام روسيا بتسليم النظام طارئات مُحدَّثة من نوع ميغ 29، إذْ تؤكّد فصائل المعارضة أنّ الهدف منها هو مجرّد التدريب، بناء على ما عثر عليه من بقايا أسلحة تدريبية خلفتها الطائرات المنفذة، لم تستهدف أهدافاً بشرية، في محيط قرية ( تل أعور ) قرب مدينة جسر الشغور بريف إدلب، وبلدات (الزيارة والسرمانية وزيزون) في سهل الغاب بريف حماة الغربي، واكتفت بإلقائها في أراضٍ غير مأهولة، وهم يرون أنّها ربما تكون كنوع من الاستعداد في حال شهدت المنطقة جولة جديدة من التصعيد مع تركيا؛ كونها استخدمت صواريخ جو-جو من طراز ( R-37 )، لاصطياد بالونات حرارية مضيئة تحاكي في حجمها وبصمتها الرادارية الطائرات المسيّرة.

وحتى لو توقّفنا عند الأنباء التي أخذت تشير إلى خلافات بين تركيا وروسيا حول الملف السوري، تزامنت مع حالة التباين الحاصلة بينهما في ليبيا، وما رافقها من التوتر في محيط إدلب؛ فإنّ الأمور بحسب ما يرى عددٌ من المراقبين، أنّها لن تذهب إلى إغلاق ( الأبواب المواربة ) بين البلدين، وذلك بسبب سياسة الفصل بين الملفات التي باتَتْ تُتبعها الدولتان في إدارة الملفات بينهما.

فروسيا وتركيا، كلتاهما تتحرّك في الملفين: السوريّ والليبيّ، برعاية أمريكية، فلولا الضوء الأخضر الأمريكيّ ما أقدمت تركيا على الخوض في ملف إدلب بالشكل الذي جعل منها، إلى جانب ملفات ( نبع السلام ودرع الفرات وغصن الزيتون ) طرفًا مهمًّا في تقرير شكل الحل في سورية، تمامًا كما يحصل في ليبيا، إذْ لولا الموافقة والدعم الأمريكي، ما أرسلت قواتها إلى طرابلس الغرب، ولما أبرمت معها ابتداءً اتفاقية ترسيم مناطق النفوذ الاقتصادية في شرق الأبيض المتوسط.

وإنّ روسيا ترى في اتفاقية ترسيم مناطق النفوذ في المتوسط، خيارًا مناسبًا لها، كون أحد طرفيها شريكها الذي تقيم معه علاقات اقتصادية تصل إلى ( 100 مليار دولار، وبالعملات المحليّة )، وأبرمت معه اتفاقية نقل غازها إلى أوروبا، وهي تفضله على أيّ شريك آخر محتمل، سينافسها في تصدير الغاز إلى أوروبا، ولاسيّما أنّها لم تتعافى بعد من رهان تخفيض أسعار النفط، وهي ليست بوارد أن تخوض جولة خاسرة في مجال الرهان على الغاز.

وقد تجلّى ذلك في قيام شركة فاغنر بالإيعاز إلى عناصرها ( 1500 ) بالانسحاب من مناطق بن غِشِير وترهونة، وترك المجال لقوات حكومة الوفاق كي تتقدّم في مناطق كانت عصيّة عليها، واستقبلها أحمد معيتيق، نائب رئيس حكومة الوفاق، يوم الخميس: 4/ 6- الجاري، وإعلانها عن سلسلة من التفاهمات السياسيّة معه، في المقدمة منها إطلاق عنصرين روسيين من فاغنر تحتجزهما طرابلس الغرب.

وسوم: العدد 880