كم نحتاج اليوم إلى أمثال عبودي

وقف عبودي مزهواً بين كبار الحاضرين وسأل المحافظ: بيت من هذا؟

أجابه المحافظ: بيت الله طبعاً

فقال عبودي: إذاً أنا وصاحب البيت نتفاهم، واعتقد انه يدفع لي أكثر منك. 

اعزائي القراء

اذكر لكم هذه القصة من العراق الشقيق لارتباط احداثها بما يشبه احداث سوريا حيث قصفت مئذنة جامع النوري بالموصل وتهشمت  على يد القتلة والمخربين، فهذه العصابات تنظر الى الاعلى فلاتجد امامها الا المآذن فتصب نار حقدها عليها ، إليكم القصة الحقيقية التالية من عراقنا الحبيب:

يروى انه في عام 1940 تعرضت أجزاء من المئذنة للهدم والتخريب، فأرادت الحكومة إصلاحها وإعادتها إلى ما كانت عليه حفاظاً على مكانتها الدينية والتاريخية فانتدبت لهذه الغاية خيرة البنائين والخبراء في حينه (المعلم عبودي) ولم يحددوا له الأجر تقديرا لمكانته وحاجتهم اليه.

لم يكن في ذلك الوقت روافع ولا سقالات ولا أجهزة متطورة فكان أن صنع صندوقا خشبيا وربطه بالحبال ودلاه من أعلى المئذنة وبوساطة عماله استعمل الصندوق كسقالة بحيث أصلح ما تهدم وأعاد النقوش وكأن المئذنة لم تتعرض لأي تخريب أو تشويه مما حاز إعجاب المحافظ والناس أجمعين

أقامت المحافظة تجمعا احتفاليا بهذه المناسبة وتمت دعوة عبودي لتكريمه ودفع أجره الذي لا يقدر بمال.

وقف المحافظ والحضور احتراما للمعلم عبودي والقى المحافظ كلمته وقال مخاطبا عبودي: "إن الحكومة فوضتني بدفع أجرك الذي تقدره؛ فاطلب ما تشاء!"

وقف عبودي مزهوا ً بين كبار الحاضرين وسأل المحافظ: بيت من هذا؟

أجابه المحافظ: بيت الله طبعاً

فقال عبودي: إذاً أنا وصاحب البيت نتفاهم، واعتقد انه يدفع لي أكثر. 

رفض عبودي تقاضي اجر عمله الشاق والخطر والذي استغرق وقتا طويلاً لأنه لبيت من بيوت الله 

نحن في وطن دمر المجرم وعصاباته معظم بنيته التحتية من طرق وجسور وشوارع ومنشآت وبيوت   وجوامع واسواق ومدارس ومستشفيات ومعامل... نحن في وطن تتربص به الشركات عابرة للقارات للانقضاض عليه وابتلاعه بحجة إعادة إعماره بأثمان من دماء أبنائه المنكوبين..

نحن في وطن  مازال بعضنا ياكل  لحوم بعضنا عبر الفساد واحتكار قوت الناس وبيعها بأغلى الأسعار...

كم نحن بحاجة الى (عبودي) ليتقاضى أجره من صاحب البيت، حسبة لله!.

أتلفت فلا أَجِد عبودي

ترى! هل مات عبودي؟ أم أنه مع الراحلين؟ 

عبودي  هذا رجل مسيحي من أهالي الموصل وليس مسلماً!

فالوطن بحاجة لكل الوطنيين والاشراف والمخلصين  . فالسوريون لاينظرون الى الانتماء الديني ، ولكن العصابة الطائفية الاجرامية كان دأبها ان تتعيش  على الفرقة بيننا ليطول حكمها فينا.  

متى يكون الإخلاص أساس حياتنا ومنطلق تفكيرنا؟ ...الإخلاص وطن ومواطنة فعلية وليست بالكلام ولا بالشعارات...  

تحية إلى عبودي! 

نحن بانتظارك ...

وسوم: العدد 885