قصةُ فرارِ رجالات هتلر إلى أمريكا الجنوبية
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، لجأ الحلفاء لملاحقة رجالات هتلر، من النازيين والفاشيين؛ لمحاكمتهم بالتسبب في اندلاع نزاع عالمي، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
فلم يتردد كثيرٌ منهم في مغادرة ألمانيا، بحثًا عن ملاذ آمن بمناطق أخرى من العالم، فعثروا على ضالتهم في الجزء الآخر من المحيط الأطلسي، حيث مثَّلت دول جنوب القارة الأميركية أفضل مكان لهم.
وبحسب تقديرات ألمانية، فقد فرّ ما يقرب من ( 9 آلاف )، واستقر ما بين (1500) و(2000) في البرازيل، وما بين (500) و(1000) في التشيلي، بينما فضّلت النسبة الأكبر الأرجنتين، فاستقر فيها (5000).
وقيل إنّ السبب في تركيزهم على الأرجنتين، هو طبيعة الأنظمة السياسية المتعاقبة فيها، التي ارتبطت منذ قرون بالديكتاتوريات في أوروبا خلال القرن العشرين.
هذا فضلَا على وجود الرئيس المستقبلي خوان بيرون (Juan Perón)، خلال السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية في إيطاليا، التي عمل فيها كملحق ومبعوث عسكري، فواكب النجاحات العسكرية النازية، وأبدى إعجابه الشديد بشخصية الدوتشي الإيطالي بينيتو موسوليني.
ومع نهاية هذه الحرب واستسلام ألمانيا، ومنذ توليه الرئاسة سنة 1946؛ فكّر في استقطاب نسبة كبيرة من قادة فرق الأس أس والمسؤولين النازيين السابقين، واضعًا نصب عينيه خطة متكاملة، لمنحهم أموالًا وهويات مزورة للسفر إلى بلاده.
فقد توقّع اندلاع حرب عالمية ثالثة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية بعد سنوات قليلة، وكان يرغب في تزويد بلاده بالخبرة العسكرية والسياسية الألمانية المعادية للشيوعية، لتكوين جيش قوي ومنح الأرجنتين مكانة هامة بالحرب المحتملة.
وفي سنة 1955 أزيح من الرئاسة، عقب انقلاب ناجح، ليبتعد بذلك عن السياسة قرابة (20 عامًا)، ثم ليعود إلى رئاسة البلاد مجددًا سنة 1973.
وفي تلك الأثناء فقد هؤلاء النازيون سندًا مهمًّا، فبدأت عملية ملاحقتهم، ووافقت السلطات على تسليم عدد منهم، من أمثال غيرهارد بوهن إلى ألمانيا، وقع آخرون في يد الموساد الإسرائيلي، حيث اعتقل عملاؤه ببيونس آيرس المسؤول النازي السابق أدولف آيخمان، الذي انتحل شخصية ريكاردو كليمنت، لمحاكمته وإعدامه شنقًا بسجن الرملة مطلع شهر حزيران/ 1961.
تلك قصة هروب رجالات هتلر، التي يذهب البعض إلى ربطها بما تتناقله وسائل الإعلام كخبر شبه مكرور، عن تصفيات غامضة تطال عسكريين من رتب عليا في الجيش السوريّ، التي بدأت في: 23/ حزيران - الماضي، بالإعلان عن مقتل العميد سليمان خلوف، مدير كلية الإشارة في حمص، لتتوالى بعدها (حكاية الموت)، التي طالت حتى الآن ( 8 ) ضباط ، عرفوا برتبهم العالية، وبقربهم من الجنرال ماهر الأسد.
وهو أمرٌ لم يرَ فيه هؤلاء سوى مسلسل تحاكي حلقاته هذه القصة، التي توارى فيها رجالات هتلر في بلدان أمريكا الجنوبية؛ فرارًا من جلسات المحاكم الدولية، المعنية بجرائم الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان، ولاسيّما أنّ كلّ هذه الأسماء التي تناقلت الأنباء خبر مقتلها، قد ارتبطت بالأحداث تشهدها سورية منذ سنة 2011، وجاء ذلك متزامنًا مع جملة من التطورات التي شهدها الملف السوريّ مؤخرًا، منها:
1ـ بدء تطبيق قانون قيصر في: 17/ حزيران – الماضي.
2ـ إعلان السلطات الإيطالية، قبل أيام، من ضبط شحنة من الحبوب المخدرة، هي الأكبر عالميًّا، قادمة من سورية، تضم 84 مليون حبة كبتاغون، بوزن 14 طنًا، وبقيمة تُقدر بنحو مليار يورو.
3ـ تصويت المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يوم الخميس:9/ تموز- الجاري، بأغلبية ساحقة على ضرورة إعلان النظام، عن التفاصيل المرتبطة بالمنشآت كافة، التي أنتج فيها غاز السارين والكلور، اللذان استخدما في هجمات 2017 في منطقة اللطامنة/ شمال حماة.
4- تحريك ملفات الإدانة لعدد من ضباط النظام، في عدد من المحاكم الأوروبية، وكلها ملفات معقدة تضعه أمام مواجهة مصيرية صعبة.
وسوم: العدد 885