53 عام من النضال والمستمرة مستمرة
تحيي جبهة النضال الشعبي الفلسطيني في الخامس عشر من تموز الذكرى الثالثة والخمسون لانطلاقتها المجيدة، إنطلاقة الأمل وبداية الطريق نحو الحرية والمواجهة مع الإحتلال لتحقيق الإنتصار والاستقلال الوطني الناجز على أرض فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
من قلب المعاناة ومن أزقة القدس كانت هذه الانطلاقة لفتية آمنوا بشعبهم وبقضيتهم ونذروا أنفسهم للنضال والمقاومة والتضحية فكانوا القادة الذين أسسوا هذه الجبهة وولدت معهم أفكارها الثورية والكفاحية للتصدي للاحتلال بعد أقل من شهرين على هذا الإحتلال في القدس حيث كانت انطلاقتها أول رد عملي على هزيمة النظام الرسمي العربي والجيوش العربية، وشكلت هذه الانطلاقة زخما وحضورا نضاليا وجماهيريا في رفض الإحتلال الإسرائيلي العنصري وسياساته العدوانية وقد دفع القادة المؤسسون ثمن ذلك النضال بالملاحقة والاعتقال والنفي والابعاد والاستشهاد، بألف تحية لأولئك الأبطال الذين صنعوا الفكرة وعمقوا الثورة بالتجربة والعطاء والتضحية في مسيرة النضال التي مازالت مستمرة بخطى ثابتة وواثقة لتحقيق الأهداف المنشودة لشعبنا الفلسطيني.
جاءت الانطلاقة كرد على الهزيمة وتعملقت الجبهة لتشكل رافد أساسي للحركة الوطنية الفلسطينية ومكون طليعي في إطار منظمة التحرير الفلسطينية لها حضورها السياسي والجماهيري ولها علاقاتها والمتميزة عربيا ودوليا وبمستويات متقدمة في الإشتراكية الدولية والتحالف التقدمي العالمي وملتقى الأحزاب العربية وتربطها علاقات وثيقة بأحزاب قوية وفاعلة دوليا وعلى رأسها الحزب الشيوعي الصيني.
لقد مارست الجبهة ومنذ انطلاقتها في الخامس عشر من تموز 1967 كافة أشكال النضال وفق كل مرحلة من مراحل النضال الطويلة وكان في ذروتها المكانة العسكرية النوعية للجبهة وقواعدها وخلاياها العاملة في الوطن المحتل وفي مختلف ساحات العمل وقد ترجمت أقوالها إلى أفعال ملموسة على الأرض فكانت من أوائل التنظيمات التي نفذت عمليات التبادل وخطف وتفجير الطائرات وآمنت بالعمل الميداني المشترك فحرصت على تنفيذ عمليات مشتركة مع العديد من الفصائل الفلسطينية وخاصة العمليات المشتركة مع حركة فتح ومع الجبهة الشعبية ومع جبهة التحرير العربية وجبهة التحرير الفلسطينية وكذلك عملياتها النوعية مع الحزب السوري القومي الاجتماعي ومع العديد من الأحزاب والمجموعات الثورية العربية والعالمية في أصعب وأبهي مراحل الثورة الفلسطينية المعاصرة حيث انخرط في صفوف الجبهة فدائيون ومقاتلون من بلدان وجنسيات مختلفة وشكلت رقما صعبا في كافة الظروف والمحطات التي مرت بها وحافظت على دورها ومكانتها المتقدمة في الحركة السياسية والنضالية ولم تتخلى عن واجباتها ومسؤولياتها ودافعت عن الثورة والشعب والقرار المستقل وأكدت على الدوام التزامها في إطار المظلة الجامعة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وقدمت قوافل من الشهداء والأسرى والجرحى ومازالت على العهد على درب الشهداء والقادة المؤسسون في مقدمتهم الأمين العام المؤسس القائد الشهيد د.سمير غوشة الذي بنى مؤسسات وهيئات الجبهة على أسس تنظيمية وديمقراطية سليمة حيث حمل الراية من بعده الرفيق القائد الدكتور أحمد مجدلاني أمينا عاما الجبهة وأمينا على سيرة ومسيرة وتراث وبرنامج وطريق نضال هذه الجبهة العظيمة المناضلة.
إن ذكرى الانطلاقة لها دلالات ولها مرتكزات ولها مكانة عزيزة على قلب كل مناضلة ومناضل في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني وفي كافة قوى العمل الوطني لما تشكله من محطة نضالية متجددة ومرتكز للفعل الكفاحي المستمر حفاظا على الوطنية الفلسطينية والثوابت الوطنية ودفاعا عن حقوق وكرامة شعبنا المناضل، هذه الذكرى اليوم تعيد صفحات من التاريخ المجيد ومن بطولات وتضحيات الرفاق الذين ناضلوا في الزمن الصعب يوم كان للنضال أثمان باهظة يدفعها المناضل بشموخ وكبرياء ونكران للذات أمام قضيته التي يحملها في قلبه وفي عقله وفي ضميره الوطني.
محطات عظيمة في مسيرة الجبهة كتبها كل مناضل من مناضلي جبهة النضال الشعبي الفلسطيني على مدار ثلاثة وخمسين عاما من النضال متعدد الأشكال والساحات حيث أبت الجبهة دائما أن تنحني للجغرافيا السياسية وكانت بوصلتها الدائمة ومازالت الهوية الوطنية والانتماء لفلسطين شعبا واحدا بهويته وأرضه ومشروعه الوطني نحو التحرر من الإحتلال وتجسيد الإستقلال والحرية الناجزة.
كانت جبهة النضال وستبقى دائما ببرنامجها السياسي والاجتماعي والاقتصادي منحازة لشعبها ومدافعا عن حقوق الفئات والطبقات الفقيرة والمهمشة ومناضلا صلبا من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية والمساواة والارتقاء بالمجتمع الفلسطيني لينال كافة حقوقه ضمن قوانين وتشريعات عصرية تكرس الديمقراطية والتعددية والحريات العامة وتنهض بشعبنا نحو مستقبل حر وبناء مؤسسات دولته الديمقراطية التي تصان فيها كافة الحقوق بعدالة ومساواة كاملة.
53 عام من عمر الجبهة وفي هذه المناسبة العزيزة نجدد العهد أن نمضي بالمسيرة وأن نستكمل ما بدأه القادة والشهداء وأن نحفظ وصاياهم وأن نكون أمناء على ديمومة الجبهة وأن تتطور وتتقدم وتزداد شبابا يوما بعد يوم وأن تبقى الحارس الأمين على ثوابت شعبنا وعلى تضحياته الجسام من أجل تحقيق الأهداف الوطنية الشاملة بالحرية والعودة والدولة وتقرير المصير.
في ذكرى الانطلاقة تجدد الوفاء لمن غرس فينا حب الوطن وكرس في قلوبنا وفي وجداننا هذا الانتماء الدكتور الراحل سمير غوشة ونعاهد روحه الطاهرة أن نبقى متسلحين بالفكرة وأن نحافظ على إرث وتاريخ ومستقبل الجبهة كحدقات عيوننا.
المسيرة طويلة وحافلة بالنضال والتحديات الصعاب لتبقى الجبهة نبراس كل المناضلين وطريق نضالهم الوطني والديمقرطي والاجتماعي.
سنبقى الأمناء دائما وستبقى راية جبهة النضال الشعبي الفلسطيني راية الإشتراكية الديمقراطية الفلسطينية خفاقة عاليا.
وسوم: العدد 885